عاجل:خطة سلام تربك #كييف.. و #زيلينسكي في الزاوية

عاجل:خطة سلام تربك #كييف.. و #زيلينسكي في الزاوية

حدث في واحدة من أدق لحظات رئاسته، يجد فلاديمير زيلينسكي نفسه محاصرًا على أكثر من جبهة، ففضيحة فساد تهز حكومته، وانتكاسات عسكرية تلتهم مواقع قواته، وضغط أمريكي متزايد يطالبه بقبول خطة سلام من 28 بندًا، تبدو في كثير من مفاصلها أقرب إلى رؤية موسكو منه إلى مصالح كييف.

 

لم يعد السؤال ما إذا كان الرئيس الأوكراني قادرًا على المناورة، بل إلى أي مدى يمكنه الصمود في وجه إدارة أمريكية تلوّح بوقف الدعم، وروسيا تواصل التقدّم ميدانيًا، وأوروبا تحاول الحفاظ على ما تبقى من نفوذها في طاولة التفاوض. وبين مستقبل غامض وحلفاء باتوا أقل صبرًا، يتقلص هامش القرار أمام زيلينسكي إلى حدود خانقة.

 

خطة الـ28 بندًا.. ورقة ضغط ثقيلة

 

تلقى زيلينسكي الخطة الأمريكية المقترحة كتحدٍ غير مسبوق في صعوبة خياراته، فالمقترح الذي شارك في صياغته مبعوثون أمريكيون وروس، يطالب أوكرانيا بالتنازل عن أراضٍ، وتحديد حجم جيشها، وتعديل دستورها لمنع الانضمام إلى الناتو، مقابل وعود اقتصادية وجيوسياسية لموسكو.

 

ورغم أن كييف رفضت هذه الشروط سابقًا، إلا أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تضغط هذه المرة بقوة، مطالبةً برد خلال أسبوع، ومهدّدةً، كما ألمح زيلينسكي، بوقف ما تبقى من الدعم الأمريكي الذي اقتصر مؤخرًا على تبادل المعلومات الاستخباراتية، وفقًا لصحيفة نيويورك تايمز ، الخميس 20 نوفمبر 2025.

 

بين خسارة واشنطن والرضوخ لموسكو

 

في خطاب وجّهه للأمة، أقر زيلينسكي بأن أوكرانيا تواجه واحدة من أصعب اللحظات في تاريخها ، وأن الخطة الأمريكية تدفعه للاختيار بين خسارة شريك استراتيجي أو قبول تنازلات موجعة. حذر من شتاء بالغ الصعوبة إذا رفضت كييف الشروط، مؤكدًا أنه سيقدّم بدائل لا تفرّط بكرامة بلاده.

 

لكن خياراته تتآكل، فمع ضعف الدعم الأمريكي، بات على زيلينسكي مجددًا اللجوء للحلفاء الأوروبيين، وفقًا لصحيفة واشنطن بوست.

 

دبلوماسية في سباق مع الوقت

 

سارع زيلينسكي للتواصل مع القادة الأوروبيين، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ميرتس، وستارمر، معلنًا أن كييف ستنسّق معهم خطواتها المقبلة. ويعتمد مدى قدرته على مواجهة الضغوط الأمريكية على ما يمكن لأوروبا تقديمه من دعم سياسي ومالي وتقني.

 

استخدم زيلينسكي هذا الأسلوب سابقًا، حين أدى الضغط الأمريكي لبحث الأوروبيين عن قنوات بديلة لشراء الأسلحة لصالح أوكرانيا، خصوصًا في أعقاب لقاء ترامب وبوتين في أغسطس. لكن هذه المرة، ورقة الضغط الأمريكية أثقل، والوقت أقصر.

 

من صاغ الخطة؟

 

خطة الـ28 بندًا نتاج محادثات غير تقليدية جرت بين ستيف ويتكوف، مبعوث ترامب، وكيريل ديميترييف، المقرّب من الكرملين ورئيس صندوق الثروة السيادية الروسي، وهذه القناة البديلة أثارت غضب الأوروبيين، الذين اعتبروا استبعادهم تهديدًا لأمن أوكرانيا على المدى الطويل.

 

وتنص الخطة على منع وجود قوات للناتو داخل أوكرانيا، وتحديد حجم الجيش الأوكراني بـ600 ألف جندي فقط، والاعتراف بالسيطرة الروسية على أجزاء واسعة من دونيتسك ولوجانسك، بحسب مجلة بوليتيكو .

 

ضغوط وفضيحة فساد

 

أزمة زيلينسكي لا تقف عند حدود الخارج، ففضيحة فساد ضخمة طالت وزراء ومقربين، متهمين بالاستيلاء على ملايين الدولارات من شركة الطاقة النووية الحكومية، أضعفت موقفه في الشارع وفي المفاوضات.

 

وميدانيًا، تعاني أوكرانيا نقصًا حادًا في الجنود، وخللًا في خطوط الجبهة استغلته روسيا لتحقيق تقدمات محدودة، بينما تواجه كييف أزمة مالية خانقة مع تعثر الخطة الأوروبية لتمويل ميزانية 2026.

 

ميل نحو التسوية

 

بعد سنوات من الرفض القاطع لأي تنازل، تغير المزاج الشعبي الأوكراني جذريًا. فقد ارتفعت نسبة من يؤيدون اتفاق سلام تفاوضي من 10% عام 2022 إلى 74% اليوم، بحسب معهد كييف الدولي لعلم الاجتماع.

 

هذا الميل الشعبي يمنح زيلينسكي مساحة داخلية للتفاوض، لكنه في الوقت ذاته يشير إلى إرهاق المجتمع من استمرار الحرب، بجسب نيويورك تايمز .

 

موسكو تشدد لهجتها وتهدد بالمزيد

 

في المقابل، التزمت روسيا الصمت إزاء الخطة بدايةً، قبل أن يعلن المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف أن هامش قرار زيلينسكي يتقلص ، محذرًا من أن استمرار المقاومة بلا معنى وخطر .

 

وظهر بوتين بنفسه بزي عسكري خلال زيارة لأحد مراكز القيادة، مؤكدًا استعداد روسيا لمناقشة الخطة أو مواصلة القتال، ما دام كلا الخيارين يمنحها تفوقًا ميدانيًا وسياسيًا.

 

شروط تبقي موسكو بموقع القوة

 

تتضمن الخطة إعادة روسيا إلى مجموعة الثماني، ووقف توسع الناتو، وتخصيص 100 مليار دولار من الأصول الروسية المجمدة لإعادة إعمار أوكرانيا بقيادة أمريكية، تحصل واشنطن على نصف أرباحها.

 

كما تنص على منطقة منزوعة السلاح تشمل مدينتي سلوفيانسك وكراماتورسك، وتطالب بالعفو العام عن الجرائم المرتكبة خلال الحرب، رغم آلاف التحقيقات المفتوحة في كييف.

 

مسار تفاوضي ومستقبل غامض

 

ما إذا كانت روسيا مستعدة لقبول الخطة كما هي، أو تحويلها إلى إطار تفاوضي، لا يزال ذلك مجهولًا، ويقول صامويل شاراب من مؤسسة راند ، إن المقترح قد يفتح نافذة للحوار إذا لم يُفرض كنتيجة نهائية.

 

لكن المؤكد أن زيلينسكي يقف في نقطة حرجة، حليف أمريكي يضغط، وروسيا تتقدم، وأوروبا تحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه، بينما تتلاشى خياراته تباعًا.