حياة الخضر عليه السلام ” جزء 17″

الدكرورى يكتب عن حياة الخضر عليه السلام ” جزء 17″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

حياة الخضر عليه السلام ” جزء 17″

ونكمل الجزء السابع عشر مع حياة الخضر عليه السلام، ومن ذلك ما ثبت في الصحيحين وغيرهما، عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى ليلة العشاء ثم قال” أرأيتم ليلتكم هذه، فإنه إلى مائة سنة لا يبقى ممن هو على وجه الأرض اليوم أحد” وفي رواية قال صلى الله عليه وسلم “عين تطرف ” قال ابن عمر، فوهل الناس في مقالة رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه، وإنما أراد انخرام قرنه، وقال الإمام أحمد أن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة العشاء في آخر حياته، فلما سلم قام، فقال” أرأيتم ليلتكم هذه فإن على رأس مائة سنة لا يبقى ممن على ظهر الأرض أحد ” رواه البخاري، ومسلم، وقال الإمام أحمد عن جابر بن عبد الله قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل موته بقليل.

أو بشهر” ما من نفس منفوسة، أو ما منكم من نفس اليوم منفوسة يأتي عليها مائة سنة، وهي يومئذ حية” وقال أحمد عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال قبل أن يموت بشهر” يسألونني عن الساعة، وإنما علمها عند الله، أقسم بالله ما على الأرض نفس منفوسة اليوم، يأتي عليها مائة سنة” وهكذا رواه مسلم، من طريق أبي نضرة، وأبي الزبير، كل منهما عن جابر بن عبد الله به نحوه، وقال ابن الجوزي فهذه الأحاديث الصحاح تقطع دابر دعوى حياة الخضر، وقالوا فالخضر إن لم يكن قد أدرك زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم كما هو المظنون الذي يترقى في القوة إلى القطع، فلا إشكال، وإن كان قد أدرك زمانه، فهذا الحديث يقتضي أنه لم يعش بعد مائة سنة، فيكون الآن مفقودا لا موجودا، لأنه داخل في هذا العموم.

والأصل عدم المخصص له، حتى يثبت بدليل صحيح يجب قبوله، فقد كانت قصة موسى مع الخضر عليهما السلام من روائع القصص بما احتوته من غرائب الأخبار، وعجائب الأمور، وبرز فيها جليا علم الله المسبق لكل الحوادث، والذي يحيط بكل شيء، وتجلت فيها قدرة الله تعالى من أولها لآخرها، لتكون تسلية وتعليما لنبى الله موسى عليه السلام، ومعجزة للخضر عليه السلام الذي نرجح نبوته، والجميل في القصة أنها جاءت في أوثق المصادر على الإطلاق التي لا يتطرق إليها شك، ولا يدخل فيها ريب القرآن الكريم كلام رب العالمين، وصحيح السنة النبوية كلام رسوله الأمين صلى الله عليه وسلم وقد كان أكثر من كتب في هذه القصة يركز اهتمامه على ما جاء في كتاب الله تعالى، ليعطينا من الآيات الدروس والعبر، وقد أبدع العلماء في ذلك حقيقة.

ويجب أن نطرق الموضوع من جانب السنة، لأنها جاءت بزيادات وتوضيحات لم يأت بها القرآن الكريم، وفي السنة الخير العظيم فهي المصدر الثاني من مصادر التشريع بعد القرآن الكريم، فقد جمعت الروايات الواردة في القصة خصوصا من الصحيحين، وجعلتها في حديث واحد، ثم فسّرت غريب الحديث، وذكرت بعدها الدروس والفوائد، وتتميما للفائدة ذكرت بعض الأحاديث الواردة في يوشع بن نون عليه السلام لأنه من أبطال هذه القصة، ثم حللتها كسابقتها، وذكرت منها الدروس والفوائد، وقد جمعت شخصية الخضر عليه السلام بين ثلاث صفات كما يحكي القرآن وهى العبودية، وقد وصفه الله تعالى بأنه ” عبد من عبادنا” والعبودية لله تعالى تعني الانقياد له والخضوع له، وهي أعم وأشمل من مفهوم العبودية على أنها صلاة وزكاة وحج وغيرها.

فالإنسان حين يسعى في الأرض لطلب الرزق، فهو يعبد الله لأن ربه يأمره بذلك في قوله تعالى ” هو الذى جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا فى مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور ” والعبودية مقرونة بالإخلاص لله، وهي الشرط الأساسي في قبول العمل، وإلا رد على صاحبه، فقد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال “أرأيت رجلا غزا يلتمس الأجر والذكر ماله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم” إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصا لوجهه، وابتغى به وجهه” وفي حديث أبى هريرة “أن رجلا يريد الجهاد وهو يريد عرضا من أعراض الدنيا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا أجر له، فأعاد عليه ثلاثا والنبي صلى الله عليه وسلم يقول” لا أجر له” وكما جاءت فى الخضر عليه السلام صفة الرحمة، حيث فال الله تعالى ” آتيناه رحمة “