طبيبة فى الإسلام رُفيدة الأسلمية ” جزء 2″

الدكرورى يكتب عن أول طبيبة فى الإسلام رُفيدة الأسلمية ” جزء 2″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

طبيبة فى الإسلام رُفيدة الأسلمية ” جزء 2″

ونكمل الجزء الثانى مع أول طبيبة فى الإسلام رُفيدة الأسلمية، وكان النبي صلى الله عليه وسلم، يمر على خيمتها فيتفقد الجرحى ويتفقد حال سعد بن معاذ، فعن عاصم بن عمر عن محمود بن لبيد قال لما أصيب أكحل سعد يوم الخندق فقيل حولوه عند امرأة يقال لها رفيدة، وكانت تداوي الجرحى، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا مرّ به يقول “كَيف أمسيت؟ وإذا أصبح قال “كَيف أَصبحت؟ وقال ابن إسحاق كان رسول الله قد جعل سعد بن معاذ في خيمة لامرأة من أسلم، يقال لها رفيدة، في مسجده، كانت تداوى الجرحى، وتحتسب بنفسها على خدمة من كانت به ضيعة من المسلمين، وكان رسول الله قد قال لقومه حين أصابه السهم بالخندق اجعلوه في خيمه رفيدة حتى أعوده من قريب، ولم يكن عملها مقصورا على الحروب والغزوات فقط.

بل كانت تداوي مرضى المدينة، كما شهدت رفيدة غزوة خيبر، وقيل أنه أسهم لها النبي صلى الله عليه وسلم، بسهم رجل، وقيل أن رُفيدة نشأت في عائلة لها صلة قوية بالطب، وأن والدها سعد الأسلمي كان طبيبا ومعلمها الخاص حيث اكتسبت رُفيدة منه خبرتها الطبية، ولذلك كرست نفسها للتمريض ورعاية المرضى، وأصبحت طبيبة متخصصة، وعلى الرغم من استحواذ الرجال وحدهم بعض المسؤوليات كالجراحة وبتر الأعضاء، مارست رُفيدة الأسلمية مهاراتها في خيمتها التي كانت تقام في العديد من الغزوات، حتى في المسجد النبوي نفسه، حيث أمر النبي صلى الله عليه وسلم، بنقل الجرحى إلى خيمتها، والتي توصف بأول مستشفى ميداني في الإسلام، ويقال أن رفيدة أيضا كانت تمد الجنود الجرحى بالرعاية أثناء الجهاد، وتوفر المآوي من الرياح.

وحرارة الصحراء القاسية لمن هم على وشك الموت، وقيل أن النساء المداويات للجرحى في الغزوات كن في الغالب، برفقة زوجة النبي صلى الله عليه وسلم، التي يصطحبها في الغزوة، فيقول وكانت الصحابية المتطوعة للتمريض، يخيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم، بين أن تكون في رفقة قومها أو أن تكون في رفقة أم المؤمنين التي كانت قرعتها في الخروج معه عليه الصلاة والسلام، ولقد اشتهرت رفيدة الأنصارية بمداواة الجرحى في العهد النبوي، ولقد كان للمرأة في الإسلام دور مهم في شتى مجالات الحياة، وينظر الإسلام إليها كونها تلعب دورا أسريا ومجتمعيا، كما أنها شريكة الرجل في تحمل مسؤوليات الحياة، وكان الطب والتمريض عند العرب قبل الإسلام خدمة تعتمد على المتوارث عليه من الطب الشعبي.

وتعد مهنة التمريض من أقدم المهن في الإسلام، واتفق الباحثون في مجال التمريض على أن التمريض في الإسلام بدأ في زمن الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، عندما شارك المرأة في العمل الاجتماعي وسمح لها بخدمة المجتمع، وبالتالي لم تكن الرعاية الصحية وقفا على الرجال، ولكن زاولته النساء وبرعن فيه، فكانت النساء تمرض المرضى وتداويهم في أيام السلم والحرب، ومنهن من اشتهر بالطب مثل السيده عائشة بنت أبي بكر وأسماء بنت عميس والشفاء بنت عبد الله ورُفيدة الأسلمية، وآخريات عرفن بالآسيات وهى كلمه تعني الممرضات مثل نسيبة بنت كعب المازنية وأميمة بنت قيس الغفارية وغيرهن، وقد عرفت السيده رُفيدة الأسلمية كممرضة معطاءة من خلال مهاراتها الطبية، في أوقات الحروب والسلم.

ولم تكن بمفردها، فكان معها نسوة يساعدنها، وقيل أنها قامت رُفيدة الأسلمية بتدريب نساء أخريات، من ضمنهم أمهات المؤمنين مثل عائشة بنت أبي بكر لكي يصبحن ممرضات ومن أجل العمل في مجال الرعاية الصحية، كما يصفها البعض بأنها كانت أخصائية اجتماعية، وقد ساعدت في حل المشكلات الاجتماعية المتعلقة بالأمراض ومساعدتها للأطفال المحتاجين ورعاية الأيتام، والمعاقين والفقراء، وقيل أن رُفيدة كانت تدخل أرض المعارك وتحمل الجرحى، وتضمد جراحاتهم، وتسعفهم، وتسهر على راحتهم، وتواسيهم، وأنها كانت تنقل في خيمتها متطلباتها وأدواتها واحتياجاتها على ظهور الجمال إلى أرض المعارك.

ثم تقيمها أمام معسكر المسلمين، وقيل أنها كونت فريقا من الممرضات، تتقسم واجباتهن على رعاية المرضى، وأنها كانت ثرية تنفق من حُر مالها على ذلك، وأنها كانت ماهرة في الجراحة، ولما رأت انغراس السهم في أكحل سعد بن معاذ، سارعت إلى إيقاف النزيف، وأبقت السهم حتى لا يزداد النزيف، ويصفها بأنها صاحبة الخيمة الطبية الأولى في التاريخ.