الدكرورى يكتب عن نبي الله لوط عليه السلام ” جزء 12″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
نبي الله لوط عليه السلام ” جزء 12″
ونكمل الجزء الثاني عشر مع نبي الله لوط عليه السلام، وإن المتتبع لآيات الذكر الحكيم يجد أنها تناولت قصصا كثيرة منها قصص الأنبياء التي تكررت في أكثر من موضع وذلك لحكمة ولزيادة العبر والعظات وتذكير المؤمن دائما بعاقبة المكذبين من الأمم السابقة، وليبقى في حالة خشية من الله تعالى وخوف من عذابه، وإن نبى الله لوط عليه السلام هو أول من آمن برسالة أبى الأنبياء إبراهيم عليه السلام، وهو ابن أخيه وقد أرسله الله سبحانه وتعالى إلى قومه بأرض سدوم بالأردن، وكان القوم الذين بعث إليهم لوط عليه السلام يرتكبون أفظع القبائح وأنكرها، فكانوا يقطعون الطريق ويخونون الرفيق ويتواصون بالإثم، ولا يتناهون عن منكر، وكانوا يفعلون جريمة لم يسبقهم بها أحد على الأرض ، كانوا يأتون الرجال شهوة من دون النساء فيقول الله تعالى.
” ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة وأنتم تبصرون أئنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم تجهلون ” ويذكر القرآن الكريم أن لوط عليه السلام كان ابن أخ إبراهيم عليه السلام الذي أرسل إلى مدينتي سدوم وعمورة كنبي بعد هجرته إلى كنعان، لكن سكان المدن قاموا بالاستهزاء به ورفضوا وجوده في بلادهم في أحد الأيام، قامت مجموعة من الملائكة بزيارة إبراهيم عليه السلام كضيوف لإبلاغه بحقيقة أن زوجته السيدة سارة كانت حاملا بإسحاق عليه السلام أثناء وجودهم هناك، وقد أخبروه أيضا أن الله تعالى قد أرسلهم إلى شعب لوط المذنب ليهلكهم برمي حجارة من الطين وإنقاذ لوط عليه السلام ومن آمن به، لكن زوجته كانت ستموت في الدمار، مع ذكر الملائكة أنها كانت من المتخلفين عن النبي عليه السلام.
ولقد تجاوز أهل المدينتين حدود الله تعالى فإن ذنوبهم تضمنت عدم حسن الضيافة والسرقة، فقد كرهوا الغرباء وسلبوا المسافرين، بخلاف سوء المعاملة والاغتصاب والزنا، وكانت خطيئتهم المتعلقة بسوء السلوك الجنسي هي التي اعتبرت شنيعة ومنكرة بشكل خاص، حيث كان لوط عليه السلام يوبخهم ويقرعهم بشدة لأنهم كانوا يأتون الرجال جنسيا بدلا من النساء، وقد حثهم لوط عليه السلام على ترك طرقهم الآثمة، لكنهم سخروا منه وهددوا بطرده من المدن، بالقول أن هذا الرجل وأهله يريدون أن يكون أنقياء متطهرين، وقد صلى لوط عليه السلام إلى الله تعالى وطلب الخلاص من عواقب أفعالهم الخاطئة وقد جاء ملاكان متنكرين بزي رجل وسيم إلى لوط، وانزعج لوط بسبب عجزه عن حمايتهم من أهل المدن الذين يريدون الفاحشة معهم، وقد طالب سكان المدن لوط عليه السلام صراحة بتسليم ضيوفه لهم.
وقد أشار إلى ضيوفه ببناتي، لكن على عكس المعتقدات اليهودية المسيحية،عرضهم لوط على الزواج الشرعي بعد اعتناقهم التوحيد الإسلامي، كبدائل تقيهم من رغباتهم الغير مشروعة، ربما مصدر إرشاد، لكنهم كانوا بلا هوادة، فأجابوا بأنا لسنا بحاجة إلى بناتك وإنك تعرف جيدا ما نريد، ويقول القرآن الكريم أنهم تحركوا وهم في حالة سكر أعمى وفي جنون كأنهم يقتربون من الموت، ويرى المفسرون مثل ابن كثير والقرطبي والطبري أن كلمة بنات لا تعني بنات لوط بالمعنى الحرفي، فسروا ذلك بأن النبي عليه السلام مثل الأب لأمته، لذلك كان لوط يوجه قومه إلى الابتعاد عن خطاياهم والدخول في علاقات صحية مع بنات الأمَّة، أي النساء بشكل عام، ثم كشفت الملائكة عن هوياتهم الحقيقية للوط عليه السلام، وأخبرته أنهم أرسلوا من قبل الله.
لينزلوا على أهل هذه البلدة سخطا من السماء لأنهم أهل سوء، ونصحوا لوط عليه السلام، بمغادرة المكان أثناء الليل وعدم النظر إلى الوراء، وأخبروه أن زوجته ستترك بسبب طبيعتها الخاطئ، حفاظا على إيمانه بالله، وقد غادر لوط المدن ليلا مع أفراد أسرته المؤمنين وغيرهم ممن آمنوا به ولما جاء الصبح، قلب الله المدن رأسا على عقب، وأمطر عليها حجارة صلبة كالطين، مما أنهى حياة أهل سدوم وعمورة، وقد استنبط الكثير من علماء ومفكري الإسلام كثيرا من الأحكام والمواعظ من قصة النبي لوط عليه السلام، لعل أهمها هو حرمانية الشذوذ الجنسي، وكذلك يستنبط العلماء المسلمون أحكامهم من الأساس بالنسبة إلى اللواط بشكل عام، والشذوذ الجنسى بشكل عام، من قصة قوم لوط في القرآن الكريم.