الدكرورى يكتب عن سبل الحفاظ علي الأسرة ” جزء 7″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
سبل الحفاظ علي الأسرة ” جزء 7″
ونكمل الجزء السابع مع سبل الحفاظ علي الأسرة، وقال العلامة ابن سعدى رحمه الله تعالى في تفسير هذه الآية “أى يا مَن منّ الله عليهم بالإيمان، قوموا بلوازمه وشروطه فمعنى قو أنفسكم وأهليكم نارا، هى موصوفة بهذه الأوصاف الفظيعة، ووقاية الأنفس بإلزامها أمر الله، والقيام بأمره امتثالا، ونهيه اجتنابا، والتوبة عمّا يسخط الله ويوجب العذاب، ووقاية الأهل والأولاد، بتأديبهم وتعليمهم، وإجبارهم على أمر الله، فلا يسلم العبد إلا إذا قام بما أمر الله به في نفسه، وفيما يدخل تحت ولايته من الزوجات والأولاد، وغيرهم ممن هو تحت ولايته وتصرفه، وهى نارا عظيمة تتوقد بالناس وبالحجارة، كما يتوقد غيرها بالحطب، والمعنى هو قوا أنفسكم وأهليكم بالأدب الصالح النار في الآخرة، وقال قتادة، ومجاهد، قوا أنفسكم بأفعالكم، وقوا أهليكم بوصيتكم.
وكما جاء في الحديث أن تعليم العقيدة وغرسها أصلها الأسرة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه كان يحدث قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “ما من مولود إلا يولد على الفطرة فأبواه يهوّدانه، أو ينصّرانه، أو يمجّسانه، كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء، هل تحسون فيها من جدعاء، ثم يقول أبو هريرة رضي الله عنه ” فطرت الله التى فطر الناس عليها” وكما جاء أيضا أن الرجل والمرأة في الأسرة مسؤولان عن تبعة التربية والتنشئة للأولاد، فعن عبدالله بن عمر قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “ألا كلُّكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام الذى على الناس راع وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية على بيت زوجها وولده وهي مسؤولة عنهم، وعبد الرجل راع على مال سيده وهو مسؤول عنه،
ألا فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته” رواه البخارى ومسلم، وجاء فى الحديث أيضا أن غرس القيم الشرعية، والشعائر التعبدية، إنما هو في الأصل على كاهل الأسرة المسلمة فعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “مُروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع” رواه أبو داود، ولا ننسى هنا بعد هذا وصية الأب الشفوق الناصح لولده، المهذب لعقيدته وأخلاقه، ذلكم هو لقمان الحكيم عليه السلام وقد ذكرها الله تعالى فى كتابه الكريم لتكون خير معين على البر والتربية، فإن صلاح الأبناء والبنات أمنية للآباء والأمهات، فصلاح الأولاد ذكورهم وإناثهم نعمة عظيمة، ومنّة جليلة من رب العالمين، ما أسعد المسلم وهو ينظر إلى أولاده قد هداهم الله الطريق المستقيم.
ورزقهم الاستقامة على الدين والهدى، يحبهم ويحبونه، يودّهم ويودّونه، إن أمرهم أطاعوه، فهم يبرّونه، ويطيعونه، وينفذون أوامره في طاعة الله، قرّت بهم عينه، وانشرح بهم صدره، وطابت بهم حياته، تلك نعمة عظيمة من الله، أولاد رُبوا تربية صالحة، هُذبت أخلاقهم، حسن سلوكهم، طابت ألفاظهم، حسُنت معاملتهم لربهم قبل كل شيء، ثم للأبوين، ثم للإِخوان والجيران والأرحام والمسلمين عموما، رُبوا على مكارم الأخلاق وفضائل الأعمال، فصاروا عونا للأبوين على كل ما أهمهم من أمر دينهم ودنياهم، ولعظيم هذا الشأن نرى أنبياء الله وخيرته من خلقه يسألون الله لذريتهم الصلاح والهداية، فقال تعالى عن الخليل عليه السلام وهو يدعو ربه بتلكم الدعوات ” رب اجعلنى مقيم الصلاة ومن ذريتى” أى اجعل من ذريتى من يصلى ويزكي.
وها هو زكريا عليه السلام ينادى ربه قائلا ” رب هب لى من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء” وها هم المؤمنون كما أخبر الله عنهم أنهم يقولون في دعائهم ” ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما” وها هو الرجل الصالح الذي أنعم الله عليه بنعمه، يتذكر نعم الله عليه، ويقول شاكرا لنعم الله، شاكرا لآلائه وإفضاله ” رب أوزعنى أن اشكر نعمتك التى أنعمت على وعلى والدى وأن أعمل صالحا ترضاه وأصلح لى فى ذريتى إنى تبت إليك وإنى من المسلمين” فإن كل هذه النصوص القرآنية والنبوية وغيرها، تلقى بالتبعة والمسؤولية التربوية في أصلها على كاهل الوالدين، على الأسرة المسلمة، وتحملهم هذه العبء الثقيل، ورحم الله أياما كان الناس فيها يقدرون هذه الرسالة، فيذهبون بأولادهم إلى المربين والمعلمين ليهذبوا أخلاقهم، ويرشدوا عقولهم.