سبل الحفاظ علي الأسرة ” جزء 8″ 

الدكرورى يكتب عن سبل الحفاظ علي الأسرة ” جزء 8″ 

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

سبل الحفاظ علي الأسرة ” جزء 8″

ونكمل الجزء الثامن مع سبل الحفاظ علي الأسرة، ويشحذوا هممهم، ولقد كان قول عتبة بن أبى سفيان لمؤدب ولده “ليكن أول إصلاحك لولدى إصلاح نفسك فإن عيونهم معقودة بعينك، فالحسن عندهم ما استحسنته، والقبيح ما استقبحته، علمهم كتاب الله، وروهم من الحديث أشرفه، ومن الشعر أعفه، ولا تكرههم على علم فيملوه، ولا تدعهم فيهجروه، ولا تخرجهم من علم إلى علم حتى يُحكموه، فازدحام العلم في السمع مضلة للفهم، وعلمهم سير الحكماء وهددهم وأدبهم دونى، ولا تتكل على كفاية منك، واستزدني بتأثيرك، أزدك إن شاء الله تعالى” وقيل أن الأحمر النحوى قال “بعث إليّ الرشيد، لتأديب ولده محمد الأمين، فلما دخلت قال يا أحمر، إن أمير المؤمنين قد دفع إليك مهجة نفسه، وثمرة قلبه، فصيّر يدك عليه مبسوطة، وطاعتك عليه واجبة.

فكن له بحيث وضعك أمير المؤمنين، أقرئه القرآن، وعرّفه الآثار، وروّه الأشعار، وعلمه السنن، وبصّره مواقع الكلام وبدأه، وامنعه الضحك إلا في أوقاته، وخذه بتعظيم مشايخ بني هاشم إذا دخلوا إليه، ورفع مجالس القوّاد إذا حضروا مجلسه، ولا تمرن بك ساعة إلا وأنت مغتنم فيها فائدة تفيده إياها، من غير أن تخرق به فتميت ذهنه، ولا تمعن في مسامحته فيستحلي الفراغ ويألفه، وقوّمه ما استطعت بالقرب والملاينة، فإن أباهما، فعليك بالشدة والغلظة” وقال العلامة ابن القَيم رحمه الله “فمن أهمل تعليم ولده ما ينفعه، وتركه سُدى، فقد أساء إليه غايةَ الإساءة، وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قِبل الآباء، وإهمالهم لهم، وترك تعليمهم فرائض الدين وسننه، فأضاعوهم صغارا، فلم ينتفعوا بأنفسهم ولم ينفعوا آباءهم كبارا” فإن قراءة كتاب في فقه التربية الإسلامية للأولاد.

ووضعه في مكتبة البيت، لن يكلفنا كثيرا من أموالنا وأوقاتنا، واستماع عدة محاضرات في فقه التربية لن يأخذ منا الكثير من أوقاتنا أيضا، في سبيل الوصول إلى فقه تربوي صحيح، وإن مطالعة القرآن وآياته الكريمة، ومطالعة السنة النبوية، وقَصص التربية، زاد كبير، ورصيد شرعى عظيم لمن أراد التوفيق والهداية، فلقد كان الناس وما زالوا يستبشرون ويتفاخرون بكثرة الأبناء ويراودهم حلم بأن يرزقهم الله ذرية طيبة حسني الخلق والخلقة، يتحلون بعقيدة سليمة صلبة وعبادة خاشعة وخلق أصيل وبعقول متفتحة واعية ونفسيات مستقرة وأجسام قوية ومعرفة بواقع الحياة وظروف العصر وبنفس تفيض خيرا وطهرا وعطاء، فهل يحقق الأبناء ذلك ؟ وإن واقع الأبناء نستشفه مما نراه بأعيننا وما نسمعه من أغلب الوالدين فاليوم لا تكاد تجلس إلى أحد.

إلا وهو يشكو سلبية سلوك أبنائه ويخشى عليهم من هجمة الفساد وأهله، وأصبح الأبناء مصدر قلق فى كثير من البيوتات، وانطلق كثير من الناس يبحث عن الوقاية والحل ويسأل هنا وهناك ومما يمكن أن تلمسه من سلوكيات الأبناء وتسمعه من شكاوى مريرة من الكثير من الأهالى فإذا كان هذا هو واقع الأبناء بناء على شهادة والديهم، فما هو واقع الوالدين؟ فإذا تفحصنا أسباب فساد الأبناء وجدنا أن عامته بسبب الوالدين أو لهم اليد الأطول فيه، فالأبناء ما بين محروم من متع الحياة وضرورياتها، وأخر ربما حصل على حاجته الجسمية فقط وحرم ما عداها لانشغال والديه أو أنانيتهما أو لعدم وعيهما بأهمية دورهما وأثرهما في حياة أبنائهم، وقد قال ابن القيم رحمه الله “كم ممن أشقى ولده، وفلذة كبده في الدنيا والآخرة بإهماله وترك تأديبه وإعانته على شهواته.

ويزعم أنه يكرمه وقد أهانه وأنه يرحمه وقد ظلمه ففاته انتفاعه بوالده وفوت عليه حظه في الدنيا والآخرة” ومن الأساليب التربوية الخاطئة الممارسة من قبل بعض الوالدين والتي قد تكون ساهمت في سلبية سلوك الأبناء هو الصرامة والشدة والقسوة عليهم أكثر من اللازم إما بضربهم ضربا مبرحا إذا أخطئوا أو بكثرة تقريعهم وتأنيبهم عند كل صغيرة وكبيرة، ويعتبر علماء التربية والنفسانيون هذا الأسلوب أخطر ما يكون على الطفل إذا استخدم بكثرة، فالحزم مطلوب في المواقف التي تتطلب ذلك، أما العنف والصرامة فيزيدان المشكلة تعقيدا، كما أن الصرامة والشدة تجعل الطفل يخاف ويحترم المربى، في وقت حدوث المشكلة فقط، ولكنها لا تمنعه من تكرار السلوك مستقبلا وقد يعلل الكبار قسوتهم على الطفل بأنهم يحاولون دفعه إلى المثالية في دراسته وسلوكه.