#العراق على مفترق خطير بعد المعادلة الأمريكية الجديدة: لا قانون للحشد دون إذننا!
يشهد المشهد السياسي والأمني في العراق تصعيدًا خطيرًا، حيث تتصاعد حدة التوتر بين بغداد وواشنطن على خلفية مناقشة مشروع قانون الحشد الشعبي في البرلمان العراقي. وبينما يرى داعمو المشروع أنه خطوة لتنظيم وضع الحشد ضمن مؤسسات الدولة، تعتبره الإدارة الأمريكية محاولة لتعزيز النفوذ الإيراني عبر تشريع قوة مسلحة مستقلة داخل العراق.
تحذيرات أمريكية صريحة وتصعيد دبلوماسي
تأتي التحذيرات الأمريكية العلنية من تمرير هذا القانون لتضع العراق على “مفترق خطير”. وفي هذا السياق، أكد عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية السابق، أيوب الربيعي، لـ”بغداد اليوم”، أن “العراق يقع ضمن جغرافيا متوترة، ويشهد أوضاعًا استثنائية منذ أكثر من عامين، عقب أحداث طوفان الأقصى، والتصعيد في غزة، والعدوان على إيران ولبنان وسوريا”، مشيرًا إلى أن هذه التطورات تفتح الباب أمام احتمالات غير متوقعة.
وأضاف الربيعي أن أي عدوان محتمل على العراق لن يحدث دون موافقة البيت الأبيض، في ظل الدعم الأمريكي الكبير لإسرائيل. ورغم جهود الحكومة العراقية لتجنب الصراعات، إلا أن احتمالية الاستهداف لا تزال قائمة.
وفي تطور لافت، كُشفت عن مكالمة متشنجة جرت مؤخرًا بين رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني ووزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو. وقد عبر روبيو خلال الاتصال عن رفض بلاده الصريح لأي خطوة تقنن وضع الحشد الشعبي كقوة مستقلة. ووفقًا للمتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية تامي بروس، شدد روبيو على أن تشريع هذا القانون “سيؤدي إلى ترسيخ النفوذ الإيراني والجماعات المسلحة الإرهابية التي تقوض سيادة العراق”.
ويعد هذا الموقف من أقوى المواقف التي أعلنتها واشنطن منذ توقيع اتفاق الإطار الاستراتيجي عام 2008، الذي تعتبره الولايات المتحدة مرجعية قانونية تمنحها “حق التدخل” في المسارات الأمنية الكبرى داخل العراق إذا ما اعتبرت أنها تهدد استقراره.
سيناريوهات الاستهداف والعقوبات المحتملة
في قراءة داخلية، يرى الخبير الاستراتيجي أحمد الشريفي أن رفض بعض فصائل الحشد خيار الدمج داخل وزارتي الدفاع والداخلية، والإصرار على تمرير القانون، قد يُعد تحديًا مباشرًا للولايات المتحدة، مما قد يفتح الباب أمام تحركات غير تقليدية تشمل استهدافات انتقائية أو عقوبات محددة.
من جانبه، حذر السياسي العراقي محمد توفيق علاوي من أن تمرير قانون الحشد الشعبي قد يعرض قيادات فصائل بارزة لعمليات اغتيال ممنهجة، بالتوازي مع فرض عقوبات دولية على العراق. وأشار علاوي إلى معلومات تفيد بوجود مخططات خارجية تستهدف تصفية قادة الفصائل الرافضين للدمج، كجزء من مشروع أمريكي لإعادة ضبط التوازن الأمني.
ومع ذلك، يرى الخبير في الشؤون الأمنية أحمد التميمي أن الحديث عن “قائمة بـ120 هدفاً داخل العراق مرشّحة للاستهداف” يدخل ضمن حرب إعلامية تهدف إلى الضغط على الحكومة والقوى السياسية، خاصة فيما يتعلق بتشريع قانون الحشد. وشدد التميمي على أن أي استهداف عسكري فعلي ستكون له ارتدادات مباشرة على المصالح الأمريكية نفسها، مما قد يدفع واشنطن إلى كبح جماح تل أبيب ومنعها من إشعال جبهة جديدة في العراق.
الضغط الاقتصادي والسياسي خيارات واشنطن
تتصاعد التقديرات حول إمكانية لجوء الولايات المتحدة إلى فرض عقوبات سياسية أو اقتصادية على العراق في حال أصر البرلمان على تمرير القانون بصيغته الحالية. وترجح مصادر سياسية أن واشنطن ستلجأ إلى أدوات ضغط تدريجية تبدأ من تعليق بعض برامج التعاون الأمني، مرورًا بتجميد مساعدات مالية أو تقنية، وصولًا إلى إدراج جهات سياسية أو شخصيات رسمية على لوائح العقوبات الأمريكية، تحت بند دعم تشكيلات مسلحة خارجة عن السيطرة الرسمية.
ويرى مراقبون أن هذا المسار لا يستبعد الضغط على الشركات الدولية العاملة في العراق، خاصة في قطاعي الطاقة والتمويل، ما قد يضع الحكومة في مواجهة أزمة اقتصادية وسياسية مزدوجة إذا لم تُعدّل من نهجها في التعامل مع ملف الحشد والفصائل.
العراق أمام معادلة دقيقة
تشير تقديرات سياسية إلى أن العراق أمام معادلة دقيقة: تشريع قانون الحشد بصيغته الحالية قد يُعد تحديًا لواشنطن، ويفتح الباب أمام عقوبات أو استهدافات محدودة، فيما يُعد تجميده تراجعًا مكلفًا أمام قوى الإطار. ويبقى التأجيل أو التفاوض على صيغة توافقية خيارًا مرجّحًا لتفادي التصعيد وكسب وقت إضافي للمناورة.
هل سيتمكن العراق من إيجاد حل يوازن بين سيادته ومصالحه الوطنية وبين الضغوط ا
لدولية المتزايدة؟