عاجل- مهلة نزع سلاح حزب الله تقترب.. ولبنان يواجه مأزقا سياسيا و أمنيا

عاجل- مهلة نزع سلاح حزب الله تقترب.. ولبنان يواجه مأزقا سياسيا و أمنيا

سوف تواجه لبنان مرحلة سياسية وأمنية دقيقة، مع تصاعد الضغوط الدولية لنزع سلاح «حزب الله»، واقتراب انتهاء المهلة الزمنية المحددة لذلك، بالتزامن مع حراك دبلوماسي إقليمي ودولي تقوده فرنسا والولايات المتحدة، وزيارة مصرية رفيعة المستوى لدعم بيروت، وبين مساعي تثبيت وقف إطلاق النار واستمرار الغارات الإسرائيلية، تتداخل الحسابات الداخلية مع رهانات الاستقرار وحدود التصعيد.

 

وفيما تنتهي المهلة المحددة لنزع سلاح حزب الله في أواخر ديسمبر الجاري، فهناك توقعات بتمديدها حتى مارس المقبل. وخلال زيارته الداعمة، التقى رئيس الحكومة المصرية، د.مصطفى مدبولي، والوفد المرافق له، الرئيس اللبناني جوزيف عون، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام، في إطار تعزيز العلاقات الثنائية وإعلان مصر دعمها الكامل قيادةً وشعبًا للبنان.

 

أعلنت مصر استعدادها للمساهمة بأي جهود لتجنيب لبنان أي تهديدات محتملة، والمساهمة في إعادة الإعمار بالمناطق المتضررة من العدوان الإسرائيلي، مؤكدة على اتفاقيات الشراكة التي توجت بتوقيع 15 اتفاقية في 2 نوفمبر الماضي خلال الدورة العاشرة للجنة العليا المصرية- اللبنانية، كما التقى الوفد المصري الهيئات الاقتصادية وغرفة التجارة برئاسة محمد شقير لبحث تطوير التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين.

 

ورغم الحراك الدبلوماسي المكثف، استمرت إسرائيل في شن غاراتها عشية اجتماع باريس لدعم الجيش اللبناني، وقبل اجتماع لجنة الميكانزم في مقر قوات اليونيفيل بالناقورة. واستهدفت الغارات الجوية، بحسب الجيش الإسرائيلي، منشآت تابعة لحزب الله في مناطق متفرقة من لبنان، خصوصًا في منطقة الطيبة الجنوبية، إضافة إلى شاحنة وسيارة لعناصر من الحزب.

 

ولجنة الميكانزم هي هيئة مراقبة وتنسيق دولية أُنشئت بموجب اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان في 27 نوفمبر 2024، وتعمل تحت إشراف اليونيفيل. وتهدف إلى ضمان العودة الآمنة للسكان إلى القرى الحدودية، وتعزيز انتشار الجيش اللبناني جنوب نهر الليطاني، ومعالجة الخروقات والانتهاكات الإسرائيلية، ومنع إعادة تسليح حزب الله، ويُعقد الاجتماع القادم للجنة في 7 يناير.

 

يُعد الاجتماع الخامس عشر للجنة الميكانزم هو الثاني الذي ضم مدنيين من الجانب اللبناني والإسرائيلي، حيث انضم إلى اللجنة كل من السفير اللبناني السابق سيمون كرم، ويوري ريسنك مسؤول ملف السياسة الخارجية في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، ويحيئيل لايتر سفير إسرائيل في واشنطن. وتُعقد الاجتماعات تحت رئاسة مورجان أورتاجوس المبعوثة الأمريكية، وتضم اللجنة ممثلين عن لبنان وإسرائيل والولايات المتحدة وفرنسا والأمم المتحدة (اليونيفيل)، وقد أُنشئت اللجنة بموجب اتفاق وقف إطلاق النار منذ 27 نوفمبر 2024.

 

ووصف نبيه بري رئيس مجلس النواب اللبناني الغارات الإسرائيلية عشية الاجتماع بأنها «رسالة إسرائيلية لمؤتمر باريس المخصص لدعم الجيش اللبناني، وبالتوازي حزام ناري من الغارات الجوية تكريماً لاجتماع لجنة الميكانزم». تعكس هذه التصريحات توتر الأجواء الأمنية والسياسية المحيطة باللجنة وأهمية اجتماعاتها في ضبط خروقات وقف إطلاق النار ومراقبة الوضع على الأرض.

 

كثفت فرنسا جهودها لتجنيب لبنان عدوانًا محتملًا عبر عقد لقاء تحضيري في باريس لمؤتمر دعم الجيش اللبناني المقرر في فبراير المقبل دون تحديد مكانه. وشارك في الاجتماع وفود لبنان ممثلة بقائد الجيش العماد ردولف هيكل، وفرنسا ممثلة بالمبعوث الفرنسي جان إيفل ودريان ومستشارة الرئيس لشئون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا آن كلير ليجندر، إضافة إلى المبعوثة الأمريكية مورجان أورتاجوس والسفير الأمريكي لدى لبنان ميشيل عيسى، والأمير يزيد بن فرحان ممثلًا عن السعودية.

 

تم خلال الاجتماع تشكيل فريق عمل ثلاثي (فرنسي، أمريكي، وسعودي) للتحضير للمؤتمر، وتوفير الدعم المالي والعتاد للجيش اللبناني، إضافة إلى مناقشة آليات عملية للتحقق من تقدم الجيش في تنفيذ مهام نزع سلاح حزب الله وفق خطة «درع الوطن»، وضمان الالتزام بوقف إطلاق النار. وأكدت الخارجية الفرنسية أن الهدف الأساسي هو تطبيق اتفاق وقف النار الموقع في 27 نوفمبر 2024، بما يشمل نزع سلاح حزب الله، مع الإشارة لاحتمال تأجيل الموعد النهائي.

 

كما تناول الاجتماع ملفات متعددة، منها الحدود اللبنانية السورية، ومكافحة المخدرات، والوضع في المخيمات الفلسطينية، في إطار السعي لضمان الاستقرار الأمني والسياسي في لبنان. وتأتي هذه الخطوات ضمن جهود دولية مشتركة لضبط التوتر على الحدود اللبنانية، وتعزيز قدرات الجيش اللبناني على تنفيذ مهامه ومراقبة الالتزام بالاتفاقات الدولية.

 

أفاد أربعة مسئولين دبلوماسيين لرويترز أن اجتماع باريس يهدف إلى تهيئة ظروف أفضل لتحديد ودعم آليات عملية نزع سلاح حزب الله والتحقق منها، بما يدفع إسرائيل للإحجام عن أي تصعيد، وسط تزايد المخاوف من انهيار وقف النار. وأشاروا إلى أن اقتراب الانتخابات التشريعية في لبنان عام 2026 يثير المخاوف من شلل سياسي قد يزيد الاضطرابات، ويثني الرئيس جوزيف عون عن الضغط على استمرار نزع السلاح، خشية تصعيد التوتر في الجنوب وإثارة حفيظة الشيعة.

 

وأكد الدبلوماسيون أن الفكرة الأساسية ترتكز على تعزيز آلية وقف إطلاق النار القائمة، بمشاركة خبراء عسكريين فرنسيين وأمريكيين وربما دول أخرى إلى جانب «اليونيفيل»، في ظل افتقار الجيش اللبناني للقدرات اللازمة لتنفيذ نزع السلاح بشكل كامل.

 

ونظم قائد الجيش اللبناني العماد ردولف هيكل جولة مع وفد من السفراء والملحقين العسكريين في الجنوب للاطلاع على منجزات الجيش في إطار خطة نزع سلاح حزب الله وإخلاء مناطق الجنوب من السلاح، حيث نفذ الجيش نحو 95% من المهام الموكلة إليه، وعاين الوفد نفقًا كان يستخدمه الحزب سابقًا وتم تحييده، في رسالة تطمين للمجتمع الدولي بأن الجنوب اللبناني أصبح تحت سيطرة الدولة اللبنانية.

 

أعلنت وزارة الخارجية الفرنسية أن اجتماع باريس ركز على تزويد لجنة مراقبة وقف إطلاق النار «الميكانزم» بوسائل عملية تتيح التحقق ميدانيًا من التقدم المحرز في نزع سلاح حزب الله. وفي الوقت نفسه، تراقب إسرائيل نتائج لقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لحسم الملفات المعلقة من غزة إلى لبنان وسوريا، وسط تصعيد إسرائيلي على الجبهة اللبنانية، وتشديد على فكرة إعادة تسليح حزب الله، بدعم إيراني.

 

ونشرت إسرائيل نتائج تحقيقاتها مع الرهينة اللبناني القبطان عماد أمهز، الذي اختطفته وحدة «شابيطيت 13» الإسرائيلية في 2 نوفمبر 2024 من منزله في مدينة البترون الساحلية، واتهمته بالانتماء لحزب الله، وكان بصدد قيادة سفينة مدنية كبيرة يجري تحويلها إلى منصة عمليات بحرية هجومية ضمن مشروع استراتيجي أطلقت عليه إسرائيل اسم «الملف البحري السري».

 

وفيما أشارت إسرائيل إلى أن الحزب كان يشرف على المشروع شخصيًا حسن نصر الله، أمين عام الحزب السابق، بهدف تنفيذ عمليات ضد إسرائيل والولايات المتحدة عبر البحر، فقد كشفت وكالة تسنيم الإيرانية أن أمهز أُطلق سراحه ضمن صفقة تبادلية لإطلاق الباحثة الإسرائيلية تسوركوف المحتجزة في العراق، فيما لم يُفصح حزب الله عن أي علاقة مباشرة له به. ويعتقد مراقبون أن نشر نتائج التحقيق في هذا التوقيت يمثل محاولة إسرائيلية لتعزيز موقفها التفاوضي والضغط على لبنان في ملف نزع سلاح حزب الله.

 

على الجانب الآخر، شدد نعيم قاسم أمين عام حزب الله على أن أي تماهٍ مع إسرائيل يشبه «ثقبًا في السفينة» يؤدي لإغراق الجميع، مؤكدًا أن الحزب ماضٍ في الدفاع عن لبنان حتى أقصى حدود التضحية دون أي نية للتراجع. من جانبه، قال الرئيس اللبناني جوزيف عون في بيان صادر عن الرئاسة خلال لقاء المجلس الجديد للجامعة اللبنانية الثقافية في العالم إن «لبنان يعمل من خلال التفاوض على تثبيت الأمن والاستقرار، خصوصًا في الجنوب، والتفاوض لا يعني استسلامًا».