الدكرورى يكتب عن مسيلمة بن ثمامة ” جزء 7″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
مسيلمة بن ثمامة ” جزء 7″
ونكمل الجزء السابع مع مسيلمة بن ثمامة، ولكن رواية صاحب الأغاني تختلف بقدر واضح عن رواية الطبرى خاصة ما يتصل بمسألة التشنيع الجنسي الذي أضحى واحدة من الصور النمطية التي تؤطر شخصيتها حتى أضحت مثلا يضرب في معاجم الأمثال العربية فيكتفي أبو الفرج الأصفهاني في أغانيه بذكر خبر زواجها من مسيلمة لأن عهدة الأمر تعود للذكور عادة لكنه يؤكد كما تؤكد غيره من المصادر، أنها أسلمت بعد تلك الحادثة وحسن إسلامها، ومن الواضح إن حروب الردة ارتبطت بقضية مزدوجة ذات شقين اقتصادي شرعى، وهي الحروب التى يرى عدد من الباحثين إنها لا تعنى الارتداد الدينى، بل احتجاج على طبيعة الخلافة، وخلاف بين أنحاء الجزيرة على أحقية.
ومآل تلك الخلافة، وإعادة السؤال حول أموال الجزية والخراج بين الكتل الاجتماعية غير الداخلة فى الإسلام حتى ذلك الوقت، لذا كان النظر إلى حروب الردة على إنها استكمال لفتح ما تبقى من الجزيرة العربية تحت شعار قتل المرتدين، ولعل هذا ما يفسر اجتماع هذا العدد الهائل من الناس حول حركة سجاح الموصلية، ويعضد هذا الرأى القصة المشهورة في كتب التراث عن موادعتها مع مالك بن نويرة والموادعة تعني المتاركة والمسالمة على ترك الحرب ويؤكد شيخ الإسلام ابن كثير في البداية والنهاية شيئا من هذا الواقع عندما يسرد قصة سجاح في خضم واقع القبائل العربية آنذاك، فيشير إلى أن بني تميم قد اختلفت آراؤهم أيام الردة فمنهم من ارتد ومنع الزكاة.
ومنهم من بعث بأموال الصدقات إلى أبى بكر الصديق رضي الله عنه، ومنهم من توقف لينظر في أمره، فبينما هم كذلك إذ أقبلت سجاح من الجزيرة العراقية وهى من نصارى العرب وقد ادعت النبوة ومعها جنود من قومها ومن التف بهم، وقد عزموا على غزو أبي بكر الصديق، فلما مرت ببلاد بني تميم دعتهم إلى أمرها فاستجاب لها عامتهم وكان ممن استجاب لها مالك بن نويرة التميمي وعطارد بن حاجب وجماعة من سادات أمراء بني تميم، وتخلف آخرون منهم عنها، ثم اصطلحوا على أن لا حرب بينهم، إلا أن مالك بن نويرة لما وادعها ثناها عن عودها وحرضها على بنى يربوع ثم اتفق الجميع على قتال الناس وقالوا بمن نبدأ فقالت لهم أعدوا الركاب واستعدوا للنهاب.
ثم أغيروا على الرباب فليس دونهم حجاب، على أن الخلاصة المهمة في قصة سجاح تشير إلى أن من السذاجة بمكان تصديق إن هذه الأعداد من الرجال وأمراء القبائل تجمعوا حول هذه المرأة، فقط ليقدموها فى ليلة معطرة عشيقة أو خليلة أو زوجة بلا مهر بين أحضان، مسيلمة الكذاب في هذه الخيمة الباذخة والأهم انه لا يجوز الوقوع في عرضها وقد حسن اسلامها، ولا يجوز التندر بقصص خيالية وضعها القصاصون والكذابون ذوو المنهج الاسرائيلي في التفكير والعداء لاسلامنا، وإنه لما قبض النبى الكريم صلى الله عليه وسلم واستخلف أبا بكر الصديق، وكانت الردة، نبئت سجاح بنت سويد التميمية، وخرجت من بنى تغلب، فتبعها أناس كثيرون.
فخرجت تسير بهم إلى بلاد بنى تميم، فلقيها بنو حنظلة فقالت أنا امرأة منكم، والملك ملككم، وقد بعثت نبية، قالوا، مرينا، قالت إن رب السماء والتراب يأمركم أن توجهوا الركاب، وتستعدوا للنهاب، ثم تغيروا على الرباب، فليس دونهم حجاب، فسارت بنو حنظلة إلى بنى ضبة، وهم من الرباب، وسارت سجاح ومن معها من بنى تغلب، فأما بنو حنظلة فلقوا بنى ضبة، فهزمتهم، ولقيت سجاح ومن معها تيما وعديا وثورا، فقاتلوهم قتالا شديدا، وجاءتهم وفود بنى تغلب والنمر وأياد، وأرسلت بنو ضبة يطلبون الى حنظلة أن يودوا قتلاهم، ويصالحوهم، فقالت لا تعجلوا على الرباب، فإنهم يحثون نحوكم الصعاب، ثم قالت عليكم باليمامة، فإنها دار إقامة، نلقى أبا ثمامة.