الدكرورى يكتب عن نبي الله العزير عليه السلام ” جزء 4″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
نبي الله العزير عليه السلام ” جزء 4″
ونكمل الجزء الرابع مع نبي الله العزير عليه السلام، وفي تفسير قوله تعالى كما جاء فى سورة البقرة ” وانظر إلى حمارك ولنجعلك آية للناس ” يعني انظر إلى عظام حمارك كيف يركب بعضها بعضا في أوصالها حتى إذا صارت عظاما مصورا حمارا بلا لحم، ثم انظر كيف نكسوها لحما فلما تبين له قال أعلم أن الله على كل شيء قدير، من إحياء الموتى وغيره، قال فركب حماره حتى أتى محلته فأنكره الناس وأنكر الناس وأنكر منازله، فانطلق على وهم منه حتى أتى منزله فإذا هو بعجوز عمياء مقعدة قد أتى عليها مائة وعشرون سنة كانت عرفته وعقلته، فقال لها عزير يا هذه أهذا منزل عزير؟ قالت قد فقدناه منذ مائة سنة فلم نسمع له بذكر، قال فإني أنا عزير كان الله أماتني مائة سنة ثم بعثني.
قالت فإن عزيرا كان مستجاب الدعوة يدعو للمريض ولصاحب البلاء بالعافية والشفاء فادع الله أن يرد علي بصري حتى أراك فإن كنت عزيرا عرفتك، فدعا ربه ومسح يده على عينيها فصحتا، وأخذ بيدها فقال قومي بإذن الله فأطلق الله رجلها، فقامت صحيحة كأنما نشطت من عقال، فنظرت فقالت أشهد أنك عزير، فانطلقت إلى محلة بني إسرائيل وهم في أنديتهم ومجالسهم وابن لعزير شيخ ابن مائة سنة وثمان عشرة سنة، وبنو بنيه شيوخ في المجلس فنادتهم فقالت هذا عزير قد جاءكم فكذبوها، فقالت أنا فلانة مولاتكم دعا لي ربه فرد علي بصري وأطلق رجلي، وزعم أن الله كان أماته مائة سنة ثم بعثه فنهض الناس فأقبلوا إليه فنظروا إليه فقال ابنه كانت لأبي شامة سوداء بين كتفيه فكشف عن كتفيه فإذا هو عزير.
فقالت بنو إسرائيل فإنه لم يكن فينا أحد حفظ التوراة في ما حدثنا غير عزير، وقد حرق بختنصر التوراة ولم يبق منها شيء إلا ما حفظت الرجال فاكتبها لنا، وكان أبوه سروخا قد دفن التوراة أيام بختنصر في موضع لم يعرفه أحد غير عزير فانطلق بهم إلى ذلك الموضع فحفره فاستخرج التوراة، وكان قد عفن الورق ودرس الكتاب فجلس في ظل شجرة وبنو إسرائيل حوله فجدد لهم التوراة فنزل من السماء شهابان حتى دخلا جوفه فتذكر التوراة فجددها لبني إسرائيل فمن ثم قالت اليهود عزير ابن الله للذي كان من أمر الشهابين وتجديده للتوراة وقيامه بأمر بني إسرائيل، وإن الله تعالى قد وصف اليهود وأخبر عنهم بأنهم مغضوب عليهم، فقال تعالى كما جاء فى سورة المائدة ” من لعنه الله وغضب عليه ”
وقال تعالى أيضا كما جاء فى سورة البقرة ” فباءوا بغضب على غضب” وقد وصف الله تعالى النصارى بالضلال فقال تعالى كما جاء فى سورة المائدة ” ولا تتبعوا أهواء قوم ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا” وأما عن سبب ذلك فقد قال الطبري في تفسيره، وكل حائد عن قصد السبيل وسالك غير المنهج القويم فضال عند العرب لإضلاله وجه الطريق، فلذلك سمى الله عز وجل النصارى ضلالا لخطئهم في الحق منهج السبيل، وأخذهم من الدين في غير الطريق المستقيم، فإن قال قائل أوليس ذلك أيضا من صفة اليهود؟ قيل بلى، فإن قال كيف خص النصارى بهذه الصفة، وخص اليهود بما وصفهم به من أنهم مغضوب عليهم؟ قيل إن كلا الفريقين ضلال مغضوب عليهم.
غير أن الله جل ثناؤه وسم كل فريق منهم من صفته لعباده بما يعرفونه به إذا ذكره لهم، أو أخبرهم عنه، ولم يسم واحدا من الفريقين إلا بما هو له صفة على حقيقته، وإن كان له من صفات الذم زيادات عليه، وفي التفسير القيم لابن القيم رحمه الله أنه انقسم الناس بحسب معرفة الحق والعمل به إلى الأقسام الثلاثة، لأن العبد إما أن يكون عالما بالحق، أو جاهلا به، والعالم بالحق إما أن يكون عاملا بموجبه أو مخالفا له، فهذه أقسام المكلفين، لا يخرجون عنها البتة فالعالم بالحق العامل به هو المنعم عليه، وهو الذي زكى نفسه بالعلم النافع والعمل الصالح، وهو المفلح وقال الله تعالى ” قد أفلح من زكاها” والعالم به، وأما المتبع هواه هو المغضوب عليه، وأن الجاهل بالحق هو الضال.