الدكرورى يكتب عن نبي الله العزير عليه السلام ” جزء 10″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
نبي الله العزير عليه السلام ” جزء 10″
ونكمل الجزء العاشر مع نبي الله العزير عليه السلام، فقالت بنو إسرائيل لعزير إنه لم يكن فينا أحد قد حفظ التوراة وقد حرق بختنصر التوراة ولم يبق منها شيء ، فاكتبها لنا وكان, والد عزير قد دفن التوراة أيام بختنصر في موضع لم يعرفه أحد غير عزير، فانطلق بهم إلى ذلك الموضع فحفره فاستخرج التوراة وكان الورق قد عفن، وجلس عزير في ظل شجرة وبنو إسرائيل حوله ونزل من السماء شهابان حتى دخلا جوفه، فتذكر التوراة فجددها لبني إسرائيل فمن بعد ذلك أصبحت بنو اسرائيل تقول إن عزيرا هو ابن الله، وتعالى الله عما يقولون علوا كبيرا، وإن المشهور أن عزيرا من أنبياء بني إسرائيل وأنه كان فيما بين نبى الله داود وسليمان، وأنه لما لم يبق في بني إسرائيل من يحفظ التوراة.
وقد ألهمه الله تعالى حفظها فسردها على بني إسرائيل، فكان عزير من أنبياء بني إسرائيل، وقد أماته الله مائة عام ثم بعثه، وجدد الدين لبني إسرائيل وعلمهم التوراة بعد أن نسوها، وكان يحفظ التوراة، ثم وقعت له قصة مدهشة، فقد أماته الله مائة عام ثم بعثه، وقد مرت الأيام على بني إسرائيل في فلسطين، وانحرفوا كثير عن منهج الله عز وجل، فأراد الله أن يجدد دينهم، بعد أن فقدوا التوراة ونسوا كثيرا من آياتها، فبعث الله تعالى إليهم عزيرا وقد أمر الله سبحانه وتعالى عزيرا أن يذهب إلى قرية، فذهب إليها فوجدها خرابا، ليس فيها بشر فوقف متعجبا، كيف يرسله الله إلى قرية خاوية ليس فيها بشر، وقف مستغربا، ينتظر أن يحييها الله وهو واقف، لأنه مبعوث إليها، فسؤاله سؤال تعجب وليس اعتراض.
فأماته الله مائة عام ومن هنا يقول المولى عز وجل فى كتابه الكريم كما جاء فى سورة البقرة ” أو كالذى مر على قرية وهى خاوية على عروشها قال أنى يحيى هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه ” أى قبض الله تعالى روحه وهو نائم، ثم بعثه، فاستيقظ عزير من نومه، فأرسل الله تعالى له ملكا في صورة بشر فقال ” قال كم لبثت ” فأجاب عزير قائلا ” قال لبثت يوما أو بعض يوم ” أى بمعنى إنى نمت يوما أو عدة أيام على أكثر تقدير، فرد الملك عليه قائلا ” قال بل لبثت مائة عام ” ويعقب الملك مشيرا إلى إعجاز الله عز وجل فيقول له ” فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه وانظر إلى حمارك” فقد أمره بأن ينظر لطعامه الذي ظل بجانبه مائة سنة، فرآه سليما كما تركه.
لم ينتن ولم يتغير طعمه او ريحه، ثم أشار له إلى حماره، فرآه قد مات وتحول إلى جلد وعظم، ثم بين له الملك السر في ذلك وقال له ” ولنجعلك آية للناس” ويختتم كلامه بأمر عجيب فيقول له ” وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما” فنظر عزير للحمار فرأى عظامه تتحرك فتتجمع فتتشكل بشكل الحمار، ثم بدأ اللحم يكسوها، ثم الجلد ثم الشعر، فاكتمل الحمار أمام عينيه، ويخبرنا المولى سبحانه وتعالى بما قاله عزير في هذا الموقف فيقول ” فلما تبين له قال أعلم أن الله على كل شئ قدير” فسبحان الله أي إعجاز هذا، ثم خرج إلى القرية، فرآها قد عمرت وامتلأت بالناس، فسألهم هل تعرفون عزيرا؟ قالوا نعم نعرفه، وقد مات منذ مائة سنة، فقال لهم أنا عزير، فأنكروا عليه ذلك ثم جاءوا بعجوز معمّرة.
وسألوها عن أوصافه، فوصفته لهم، فتأكدوا أنه عزير، فأخذ يعلمهم التوراة ويجددها لهم، فبدأ الناس يقبلون عليه وعلى هذا الدين من جديد، وأحبوه حبا شديدا وقدّسوه للإعجاز الذي ظهر فيه، حتى وصل تقديسهم له أن قالوا عنه أنه ابن الله وهنا يقول تعالى فى كتابه الكريم ” وقالت اليهود عزير ابن الله ” وقد استمر انحراف اليهود بتقديس عزير واعتباره ابنا لله تعالى ولا زالوا يعتقدون بهذا إلى اليوم، وهذا من شركهم وضلالهم والله سبحانه وتعالى عن ذلك كله فهو تعالى القائل ” ما كان لله أن يتخذ من ولد سبحانه، وقيل بأن هناك اعتقاد بأن يهود اليمن هم من نسبوا بنوة العزير لله، ويظهر ذلك في إحدى آراء ابن حزم الأندلسي التي تقول بأن هناك بعض من يهود اليمن يعتقدون أن عزيرا ما هو إلا ابن الله مع أنه لم يعش في اليمن.