نبى الله هارون علية السلام ” جزء 8″

الدكرورى يكتب عن نبى الله هارون علية السلام ” جزء 8″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

نبى الله هارون علية السلام ” جزء 8″

ونكمل الجزء الثامن مع نبى الله هارون علية السلام، وهو نبي عظيم شقيق لنبى الله موسى عليه السلام وقد وُلد في عام ترك قتل الأبناء، وأرسله الله تعالى مع موسى عليه السلام، كما قال الله تعالى كما جاء فى سورة المؤمنون ” ثم أرسلنا موسى وأخاه هارون بآياتنا وسلطان مبين إلى فرعون وملئه فاستكبروا وكانوا قوما عالين” ولقد كان الفراق طويلا جدا بين موسى وأخيه هارون في مبدأ الأمر، فإنه افترق عنه نحوا من عشر سنين ربما لا يدري عن خبره شيئا، فإن موسى عليه السلام منذ ولادته فارق بيته، وأخذ إلى قصر فرعون وتربى هنالك، ولم يرى أمه إلا عندما كانت تأتي لترضعه، ثم بعد ذلك لم يكن يرى أخاه هارون كما يريد لأنه في قصر فرعون، وذاك في مساكن بني إسرائيل، ثم إن موسى عليه السلام قد هرب من هؤلاء إلى مدين.

ولبث فيهم عشر سنين، لم يرى أهله فيها، فلما سار موسى بزوجته من مدين وناداه ربه عند الشجرة في البقعة المباركة دخل موسى عليه السلام بعد ذلك مصر ولقي أخاه هارون، وكان لقاء عظيما، وإن مما يحتاج إليه القائد إذا كان شديدا أن يختار ولاة ومعاونين له فيهم لين ورأفة ورقة، وإذا كان هينا لينا اختار معه من يكون فيه قوة وبأس، حتى تعتدل الأمور ولا ينفلت الزمام، ولذلك فإن مما يحتاج إليه القائد إذا كان شديدا أن يختار ولاة ومعاونين له فيهم لين ورأفة ورقة، وإذا كان هينا لينا اختار معه من يكون فيه قوة وبأس حتى تعتدل الأمور ولا ينفلت الزمام، وهذا يفسر استعمال أبي بكر الصديق لخالد بن الوليد القوي، ثم مات أبو بكر فتولى عمر بن الخطاب فعيّن أبا عبيدة بن الجراح بدلا من خالد بن الوليد في بعض المواقع، وقال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله

“كان عمرو بن العاص أحد الأمراء، وأبو عبيدة بن الجراح أيضا، وقدم أبو بكر الصديق عليهم خالد بن الوليد لشجاعته ومنفعته في الجهاد، فلما توفي أبو بكر الصديق ولى عمر بن الخطاب أبا عبيدة أميرا على الجميع، لأن عمر بن الخطاب كان شديدا في الله، فولى أبا عبيدة لأنه كان لينا، وكان أبو بكر الصديق لينا وخالد شديدا على الكفار، فولى اللين الشديد، وولى الشديد اللين، ليعتدل الأمر، وكلاهما فعل ما هو أحب إلى الله في حقه” ولقد ناشد نبى الله موسى ربه فقال واجعل لى وزيرا من أهلى، يعني مؤازرا يؤازرني ومعينا يعاونني ومساعدا يساعدني على من أرسلت إليهم، ويتحمل معي الأعباء، ويحمل معي الأثقال، ويا لها من مسؤولية كبيرة في الدعوة إلى الله ومواجهة هؤلاء الطغاة.

وإن الوزير مع الملك أو الأمير يحمل ثقله، ويعينه برأيه، وهو مشتق من الوزر الذي هو الثقل، لأنه يحمل الثقل عن أميره، ويعتصم الأمير برأيه ويلجأ إليه في أموره، فعن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم” إذا أراد الله بالأمير خيرا جعل له وزير صدق، إن نسي ذكره، وإن ذكر أعانه، وإذا أراد الله به غير ذلك جعل له وزير سوء، إن نسي لم يذكره وإن ذكر لم يعنه” ولذلك قال العلماء ومن سعادة السلطان أن يسهل الله له وزيرا صالحا ومشيرا ناصحا، وقول نبى الله موسى عليه السلام، واجعل لى وزيرا من أهلى، بكونه أشفق وأوثق وأقرب وأعون، فمعه علاقة إضافية في أخوة الدين وهي أخوة النسب، وإنها لقريبة جدا، وسأله أن يكون من أهله لأنه من باب البر وأحق ببر الإنسان قرابته.

فأراد نبى الله موسى عليه السلام الخير لنفسه والخير لأخيه، ثم بين من هو فقال هارون أخى لأنه أجدر بالمناصرة، وأوثق ليتحمل العبء معي، وهكذا استجاب الله تعالى كما قال تعالى فى سورة مريم ” ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا ” أي فأجبنا سؤاله وجعلناه معه، ولم يكن لموسى وزير سوى أخيه هارون عليهما السلام كما ذكر ابن كثير رحمه الله، قال الله تعالى كما جاء فى سورة الفرقان ” ولقد آتينا موسى الكتاب وجعلنا معه أخاه هارون وزيرا ” وقد كان هارون عند القوم طاهر النفس، سليم الطوية، شريفا في قومه معروفا، ليس له إساءة حتى مع القبط، وقد قضى بينهم عمرا طويلا لم يعثروا له على زلة، وكان طلب موسى المعاونة للمهمة العظيمة في الدعوة، سواء دعوة بني إسرائيل، أو دعوة أولئك القبط الأشداء، وهذه مهمة تحتاج إلى قوة وثبات.