نبى الله هارون علية السلام ” جزء 11″

الدكرورى يكتب عن نبى الله هارون علية السلام ” جزء 11″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

نبى الله هارون علية السلام ” جزء 11″

ونكمل الجزء الحادى عشر مع نبى الله هارون علية السلام، وهارون بن عمران، أو عمرام بن قاهث بن لاوي ابن نبي الله يعقوب عليهم السلام، وكانت أمه أفاحية، وقيل نخيب، وقيل يوخابيد، وهارون هو اسم أعجمي، وأصله أهارون، ومعناها ساكن الجبال، وهو الأخ الأكبر لنبي الله موسى بن عمران عليه السلام، من أمه وأبيه، وهو أحد أنبياء بني إسرائيل، وكان مؤمنا بالله موحدا له، راسخ العقيدة، وافر العقل، شجاعا، وقيل أنه لما بلغ من العمر ثلاثه وثمانين سنة أوحى الله إليه أن ينصر ويعاضد أخاه موسى، وذلك بطلب من موسى أن يكون وزيرا له، واصطحبه معه إلى فرعون، ولما دخلا عليه طلبا منه الإيمان بالله الواحد، ونبذ الأوثان، والكف عن ادعاء الربوبية والألوهية، وقد استخلفه موسى، على بني إسرائيل عند ما ذهب إلى ميقاة ربه في طور سيناء.

ووقف في وجه السامري وعجله، وكان له الدور المهم في إنقاذ بني إسرائيل من فرعون مصر إلى الأراضي المقدسة بفلسطين، ويدعي اليهود أنه لم يكن نبيا، بل كان رئيسا لكهنة قومه وكافلا للهيكل، ويدعون أن العصا التي انقلبت ثعبانا تعود إليه وليست لموسى، ويزعمون أن الله أمر موسى، عند وفاة هارون أن يخلع عنه ملابس الكهانة ويلبسها ولده اليعازر بن هارون، وكانت النبوة في بني إسرائيل من صلبه، وكانت زوجته تدعى اليشاع ابنة رئيس من رؤساء بني إسرائيل، وقد ولدت له أربعة بنين هم ناداب، وأبيهو، والياعزر وايتامار، وبعد أن أن وصل عمره نحو مائه وثلاثه وعشرين سنة، وقيل مائة وعشرين سنة، قد توفي في التيه الذي أصاب بني إسرائيل بجبل طور في طور سيناء، ودفنه موسى عليه السلام بها، وقيل أنه دفن في جبل مران.

وقيل في جبل وموات، وكانت وفاة موسى عليه السلام بعده بثلاث سنين، وإن الفرق بين النبي والرسول وهو أن النبي يسوس الناس على شريعة من قبله من الرسل أما الرسول فإنه يأتي بشرع جديد ولهذا يقول صلى الله عليه وسلم “إن بني إسرائيل كانت تسوسهم الأنبياء” تسوسهم الأنبياء بعد وفاة نبي الله موسى عليه السلام إلى أن أرسل الله وبعث نبى الله عيسى بن مريم عليه السلام ، وكان نبى الله موسى وهارون أخوان شقيقان لأم وأب واحد فهما هارون بن عمران وموسى بن عمران، وأما الفرق بينهما كان من جوانب متعددة فكان هارون أكبر من موسى وأسبق موتا منه أي هارون تقدم مولده وتقدمت وفاته، وقد ولد هارون في العام الذي كان فرعون لا يقتل فيه وولد موسى في العام الذي فيه قتل ونجاه الله عز وجل وإن الأصل أن الله نبأ موسى وبعثه.

ثم إن موسى سأل الله تبارك وتعالى أن يجعل من أخيه هارون نبيا فاستجاب الله عز وجل دعاءه وبعثهم الله تعالى إلى فرعون وملاءه وكان هارون أفصح وموسى كان هو الأصل المخاطب به النبوة وهو أشد سكينة وحزما من أخيه وأعلم وأفضل جملة لأن الله تعالى فضل النبيين بعضهم على بعض وموسى معدود من ألو العزم من الرسل، وكان هارون محببا في قومه أي في بني إسرائيل كانوا يحبونه جدا، وقد ذكر أهل العلم أن نبى الله هارون عليه السلام توفي في التيه قبل نبى الله موسى عليه السلام بثلاث سنين، ودفنه موسى، كما ذكر ذلك ابن كثير والطبري وابن الأثير وبقي هارون ثابتا على الحق حتى الممات، وكان مع موسى وفيا لهذه الدعوة، وزيرا ناصحا، ومعاونا وقدوة وإماما في الهدى والتوحيد، وكان عابدا لله مخلصا له.

ولقد استثمر هارون الموهبة التي أتاه الله في الدعوة، وهكذا ينبغي على كل واحد منا أن يستثمر ما أتاه الله من المواهب، فاستثمر نبى الله هارون الفصاحة في الدعوة، فالفصاحة مهمة في الإقناع والتأثير على المدعوين، وكذلك فإن التعاون في الدعوة إلى الله شيء عظيم، وهكذا يجب علينا جميعا، وخصوصا اليوم في وقت تكالب الأعداء، وكثرة الباطل وأهله، فقال تعالى كما جاء فى سورة القصص “سنشد عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطانا ” يعني سلطان الحجة، وسلطان البيان، وسلطان الحفظ والحماية فقال تعالى له ” فلا يصلون إليكما ” أى الكفرة الفراعنة “بآياتنا أنتما ومن اتبعكما الغالبون ” وهكذا ينصر الله تعالى رسله بآياته، وهكذا يكون الوحي معينا مؤيدا ومؤازرا لأنبيائه، وهكذا خاض نبى الله موسى وهارون عليهما السلام تلك المهمة العظيمة.