الدكرورى يكتب عن نبى الله هارون علية السلام ” جزء 10″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
نبى الله هارون علية السلام ” جزء 10″
ونكمل الجزء العاشر مع نبى الله هارون علية السلام، وكان دور نبى الله موسى وهارون بين بني إسرائيل عظيما في إعدادهم لرحلة النجاة، وقام موسى مع أخيه بدورين هما إعداد قومهما وإنذار القوم الآخرين ومواجهة الفراعنة الشداد، فرعون ومن معه من ملئه الأشراف والكبراء والظلمة والسحرة، ومن استعانوا بهم، وكان مشهدا عظيما حضره موسى وهارون وغلب الوحي السحر، وبطل ما كانوا يعملون، ثم أمر الله تعالى نبيه موسى وهارون بأخذ بني إسرائيل، فكانت تلك الرحلة، وعبر بنو إسرائيل البحر، وأغرق الله فرعون ومن معه، ولكن بقايا الوثنية لا تزال في نفوس القوم، فقد مروا على قوم قد اتخذوا لهم صنما فقالوا كما جاء فى سورة الأعراف ” يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة ”
سبحان الله بعد هذه الرحلة الطويلة، والتربية العظيمة، والعبادة، والمحنة، والنجاة من العدو، والنعمة الكبيرة، وهذه المجاوزة للبحر والنجاة من الغرق بعد النجاة من العدو الكبير، تقولون اجعل لنا إلها؟ ويبقى موسى وهارون ثابتين على الطريق في بني إسرائيل، يأمرانهم بالمعروف، وينهيانهم عن المنكر، ويقيمان دين الله فيهم، خطوة بخطوة، فلما صار الموعد للقاء الله وتأهلت وتأهبت تلك المجموعة لتلقي الوحي، وكانت التوارة التي ستقام في بني إسرائيل، وهذا الفضل العظيم والنزول الكبير للألواح المسطر فيها الوحي من الله تعالى كما قال الله تعالى فى سورة الأعراف ” وكتبنا فى الألواح من كل شيء موعظة وتفصيلا لكل شيئ ” واستخلف نبى الله موسى أخاه هارون، وذهب في تلك الرحلة بعدما أوصاه.
فانتهز السامري غياب موسى فأخذ من الذهب الذي مع بني إسرائيل ما شكل به تمثالا على هيئة عجل من ولد البقر له فتحتان إحداهما وهي الأكبر من دبره بحيث تدخل منها الريح ثم تخرج من الفتحة الثاني الأصغر في رأسه على هيئة خوار البقر، ومن مهر بالصنعة استطاع أن يفعل من أنواع الأصوات ما يشابه الواقع بواسطة دخول الهواء وخروجه، فهذا الذهب معبودهم الذي فتنوا به من قبل، وهكذا صنع السامري، وما أسرع تهافت بني إسرائيل عليه حيث إنه تمثال عجل من ذهب يوافق تلك الآلهة التي كان عليها القوم، فقد وجدوا الآن بغيتهم في هذا الذي صنعه السامري فقال هذا إلهكم وإله موسى منسى” وكم حاول هارون عليه السلام أن يبين للقوم ولقد كان بيانا واضحا وكلاما صادعا، ولكن هيهات قَالوا كما جاء فى سورة طه ” لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى”
فكانت هذه هي حجتهم وهي انتظار نبى الله موسى عليه السلام ليفصل بينهم، أليس الذي قاله نبى الله هارون كافيا في البيان، ولقد ناشدهم هارون بقوله يا قوم، فهو يذكرهم وشيجة القرابة وهو يدعوهم إلى عبادة الله، وهكذا يكون استعطاف القلوب من الداعية للمدعوين يا قوم إنكم فتنتم به، فهذه فتنه وإن ربكم الرحمن، فاتبعونى واطيعوا أمرى، وقد حاول هارون مرارا وتكرارا، وثبت على الحق ودعاهم جهارا، وخلف موسى بمثل ما أوصاه، وأقام هارون فيمن معه من المسلمين ممن لم يفتتن، وهكذا يكون بقاء القائد في الحق، والمقدم في الدين من أسباب ثبات من حوله، وهكذا ثبت الله بالبقية الباقية من بني إسرائيل، ثبتهم بهارون عليه السلام وكانوا ينصحون قومهم، وأقام من يعبد العجل على عبادة العجل حتى كانت رجعة موسى عليه السلام
وبعدما رجع نبى الله موسى من رحلة إيمانية عظيمة، وقد تلقى الوحي ومعه الألواح ونفسه متهيئة لإقامة أحكام التوارة في قومه وهو متحمس أشد الحماس لما كان يعيشه من الإيمان العظيم، بما حصل من كلام الله له مباشرة وإيتائه التوارة التي خطها الله له بيده، وهو عائد من تلك الرحلة الإيمانية العظيمة ومعه التكاليف ليقوم بها، إذ به يفاجأ باسوأ منظر، الناس الذين أرسل إليهم بعد هذه الرحلة الطويلة من الاستخراج من مصر وعبور البحر والنجاة، وقد جعل عليهم أخاه حيث لم يأخذ أخاه معه رغم شرف الرحلة من أجل هؤلاء، ليفاجأ باسوأ منظر، وهو أسوأ منكر في قومه، وألقى الألواح من الغضب لرؤية المنكر الذي هو الشرك الذي لا يراه اليوم كثير من الناس منكرا ولا قبيحا، وهارون بن عمران، أو عمرام بن قاهث بن لاوي ابن نبي الله يعقوب عليهم السلام.