الدكرورى يكتب عن نبي الله لوط عليه السلام ” جزء 16″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
نبي الله لوط عليه السلام ” جزء 16″
ونكمل الجزء السادس عشر مع نبي الله لوط عليه السلام، وقد ذكرت قصة نبى الله لوط في القرآن الكريم أساليب حوارية اتبعها النبي لوط عليه السلام لمحاولة التأثير على قومه واستمالتهم إلى الصواب، بالطبع، فقد باءت تلك المحاولات بالفشل كما ذكرت القصة القرآنية ذلك إلا أن المفكرون والعلماء المسلمون استخلصوا من ذلك أنه من سياسة الداعية، أوالذي يرغب في التأثير على الناس بشكل عام، أن يستخدم أسلوب الإثارة لكوامن الغرائز والخصائص النفسية والنخوات والأعراف القبلية فمثلا تذكر القصة القرآنية أن لوطا ذكر قومه بتقاليد البدو في إكرام الضيف وعدم الخزي للمضيف، وكذلك فقد خاطبهم وناداهم يا قوم، أي ذكرهم بالناحية القومية ثم حاول أن يوقظ فيهم مشاعر الرقابة لله، وأخيرا، فقد استنكر عليهم عدم الرشد.
وتصرفات الطيش والسفه، وهكذا، فإن من يرغب في الدعوة، أو التأثير الإيجابي عموما، يجب عليه أن يمتلك المرونة في خطابه، وأن يكون أسلوبه مؤثرا وبليغا، وإن قصة قوم لوط هي قصة دينية، قد ذكرت في الديانات السماوية الثلاث، الإسلامية، والمسيحية، واليهودية، ونبي الله لوط عليه الصلاة والسلام هو ابن أخ نبي الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وهو الذي آمن به، وصدقه، ونصره، وسافر معه، ليدعو الناس إلى عبادة الله الواحد الأحد، وقد ارتكب قوم لوط فاحشة عظيمة، وهي إتيان الذكور دون النساء، لذا جاءهم نبي الله لوط عليه الصلاة والسلام ناصحا إياهم بالإيمان بالله وتوحيده، وداعيا لترك الفاحشة، ولكن قومه عصوه، واستمروا في فاحشتهم، بل وتمادوا فيها، وكانت امرأته منهم أيضا، فعاقبهم الله بأن خسف بهم الأرض.
إلا لوطا ومن آمن معه، وقد بدأت قصة قوم لوطٍ عندما ترك لوط عمه إبراهيم بأمره، واستقر في مدينة تسمى سدوم، في أرض الغور شرق نهر الأردن وقد عاش في قرية سدوم في الأردن قوم فاسدون مستكبرون، لا يتقبلون النصح والإرشاد، وقد استباحوا ما حرم الله، وارتكبوا الفواحش والمنكرات التي لم يسبقهم إليها أحد من أبناء آدم على مر الأزمان والعصور، فكانوا من أرذل الأقوام، ولم يترك الله قوم لوط دون إرشاد، فبعث إليهم نبيه لوط عليه السلام حتى ينصحهم، ويرشدهم، ويهديهم إلى عبادة الله وحده، ويحذرهم من العقاب، فذهب نبى الله لوط عليه الصلاة والسلام إلى أهل سدوم يدعوهم، مستنكرا فعلتهم وظلمهم، ومحذرا إياهم من فعل هذه الفواحش، ومن عواقبها آمن بدعوة سيدنا لوط عدد قليل، لكن البقية سخروا منه، وأخبروه أنهم سيخرجونه.
لكن سيدنا لوطا الذي يحب الخير لأولئك الناس الذين أضلهم الشيطان، وأغواهم عن الطريق الصحيح، لم ييأس ولم يستسلم، فعاد إليهم هاديا، لكنهم أصروا، وزادوا في عنادهم، واستكبروا، وقد أخبر لوط قومه إنه يخاف عليهم عقاب الله وعذابه، لكنهم أصروا على فاحشتهم، حتى جاء أمر الله بمعاقبة هؤلاء الفاسدين، ويعتقد الكثير من المسلمين أن بني نعيم في فلسطين تضم قبر نبى الله لوط عليه السلام في وسط المدينة، حيث يقع القبر داخل مسجد مستطيل الشكل به ساحة داخلية ومئذنة، وقد تم بناء عتبة البوابة الشمالية للمسجد من الحجارة التي تعود إلى العصر البيزنطي عندما كانت توجد كنيسة في هذا الموقع، ويسبق ارتباط بني نعيم بلوط في الإسلام، حيث تشير أعمال العالم الكاثوليكي جيروم في القرن الرابع الميلادي.
إلى أن القبر يقع في بلدة تسمى كفر باريشا، التي من المحتمل أن تكون الاسم السابق لبني نعيم، ويقول التاريخ أن قبر بنات نبى الله لوط عليه السلام، يقع على تل قريب من الجنوب الشرقي من بني نعيم بجوار مزار مخصص لنبى الله لوط، والمعروف بمقام النبي ياتين، حيث تقول الأسطورة المحلية أن لوط صلى في الموقع وأن آثار أقدامه لا تزال مرئية في صخرة هناك، وقد تم العثور على آثار أقدام مزعومة للأنبياء وغيرهم من رجال الدين في المزارات الإسلامية في جميع أنحاء الشرق الأوسط، ولم يكن نبى الله لوط عليه السلام من عائلة عادية، بل كان فيها النبوة، فعمه أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام الذي وقد رباه بعد وفاة أبيه، فآمن به وصدقه، وهو كذلك من طلب إليه أن يهاجر إلى قرية كافرة ليس فيها مؤمن، تدعى قرية المؤتفكة، أو سدوم.