جامعة كولومبيا الأميركية تحقق مع الطلاب المنتقدين لإسرائيل

جامعة كولومبيا الأميركية تحقق مع الطلاب المنتقدين لإسرائيل

كانت مريم علوان، الطالبة بالسنة الأخيرة في جامعة كولومبيا، تزور عائلتها في الأردن خلال العطلة الشتوية عندما تلقَّت رسالة إلكترونية من الجامعة تتهمها بالتورط في مضايقات. وكانت أهم جرائمها المفترضة: كتابة مقال رأي في الصحيفة الطلابية يدعو إلى سحب الاستثمارات من إسرائيل.

 

وفقاً لسجلات اطلعت عليها وكالة «أسوشييتد برس»، فهذا التحقيق هو جزء من موجة من القضايا رفعتها مؤخراً لجنة تأديبية جديدة في الجامعة تُسمى «مكتب المساواة المؤسسية» ضد طلاب جامعة كولومبيا، الذين أعربوا عن انتقادهم لإسرائيل. في الأسابيع الأخيرة، أرسلت اللجنة إشعارات إلى عشرات الطلاب؛ بسبب أنشطة تتراوح بين مشاركة منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي لدعم الشعب الفلسطيني، والانضمام إلى احتجاجات «غير مصرَّح بها».

ويخضع أحد الطلاب الناشطين للتحقيق لقيامه بوضع ملصقات خارج الحرم الجامعي تحمل صور أمناء الجامعة مع عبارة «مطلوب». ويواجه آخر، وهو رئيس نادٍ أدبي في الحرم الجامعي، عقوبةً لمشاركته في استضافة معرض فني خارج الحرم الجامعي ركَّز على احتلال مبنى الحرم الجامعي في الربيع الماضي.

 

في حالة مريم، قال المحققون إن المقال الافتتاحي غير المُوقَّع في صحيفة «كولومبيا سبيكتيتور»، والذي حثَّ الجامعة على الحد من العلاقات الأكاديمية مع إسرائيل، ربما يكون قد عرَّض طلاباً آخرين «لسلوك غير مرحَّب به» على أساس دينهم أو أصلهم القومي أو خدمتهم العسكرية.

 

وقالت مريم علوان، وهي طالبة أميركية من أصل فلسطيني في تخصص الدراسات المقارنة: «شعرتُ بأن الأمر بائس للغاية، أن يمر شيء ما بتعديلات صارمة ليتم تصنيفه على أنه تمييزي لأنه يتعلق بفلسطين. لقد جعلني هذا الاتهام لا أريد أن أكتب أو أقول أي شيء عن الموضوع بعد الآن».

Oplus_131072

وأبلغتها اللجنة بأن العقوبات المحتملة لانتهاك سياسة الجامعة تتراوح بين التحذير البسيط والطرد.

 

يثير المكتب التأديبي الجديد القلق بين الطلاب وأعضاء هيئة التدريس والمدافعين عن حرية التعبير، الذين يتهمون الجامعة بالرضوخ لتهديدات الرئيس دونالد ترمب بخفض التمويل للجامعات، وترحيل «المحرِّضين» في الحرم الجامعي.

 

وقالت إيمي غرير، وهي محامية تقدم المشورة للطلاب المتهمين بالتمييز: «بناءً على كيفية سير هذه القضايا، يبدو أن الجامعة تستجيب الآن للضغوط الحكومية لقمع وتثبيط حرية الخطاب. إنها تعمل كشركةٍ تجاريةٍ من خلال حماية أصولها قبل طلابها وأعضاء هيئة التدريس والموظفين».

تتعرَّض جامعة كولومبيا لضغوط مالية. ويوم الاثنين، أعلنت وكالات فيدرالية أنها ستنظر في قطع 51 مليون دولار من العقود المبرمة مع الجامعة، إلى جانب مليارات أخرى من المنح الإضافية؛ بسبب «تقاعسها في مواجهة المضايقات المستمرة للطلاب اليهود».

 

وأفادت جامعة كولومبيا، في بيان صدر عقب الإعلان: «نحن مصممون على أن الدعوة إلى العنف أو الإرهاب أو الترويج لهما أو تمجيدهما، لا مكان لها في جامعتنا».

 

وأطلق الجمهوريون في مجلس النواب في وقت سابق، مراجعتهم الخاصة للعملية التأديبية في جامعة كولومبيا. وأمهلوا المسؤولين، في رسالتهم الأخيرة، حتى 27 فبراير (شباط) لتسليم السجلات التأديبية للطلاب المشاركين في نحو 12 حادثة في الحرم الجامعي، بما في ذلك الاحتجاجات التي زعموا أنها «روَّجت للإرهاب، وشوَّهت سمعة الجيش الأميركي»، بالإضافة إلى المعرض الفني خارج الحرم الجامعي.

Oplus_131072

أُنشئت اللجنة التأديبية الجديدة في الصيف الماضي. ووفقاً لسياسة المضايقات المحدثة للجامعة، يمكن اعتبار انتقاد سياسات دولة أخرى مضايقة إذا كان الانتقاد «موجهاً أو مصحوباً بتعليقات تمييزية عن أشخاص من تلك الدولة أو مرتبطين بها».

 

وتلقى طلاب يهود في جامعة كولومبيا إشعارات؛ بسبب مشاركتهم في الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين. وقال طلاب يهود آخرون إن الخطاب في الاحتجاجات «قد تجاوز حدود معاداة السامية، وإن الإدارة كانت متسامحةً للغاية مع المتظاهرين الذين خلقوا بيئةً معاديةً للأشخاص الذين يدعمون إسرائيل».

 

تعمل اللجنة التأديبية بسرية، وتطلب من الطلاب التوقيع على اتفاقية «عدم الإفصاح» قبل عرض مواد القضية عليهم أو التحدث مع المحققين، مما يضمن أن العملية تظل محاطة بالسرية منذ أن بدأت في أواخر العام الماضي. ونشر موقع «دروب سايت نيوز» الإلكتروني جانباً من عمل اللجنة لأول مرة هذا الأسبوع.

 

يقول أولئك الذين خضعوا للتحقيقات إن المحققين طلبوا منهم تسمية أشخاص آخرين منضمين للمجموعات المؤيدة للفلسطينيين والاحتجاجات في الحرم الجامعي. وقالوا إن المحققين لم يقدموا إرشادات واضحة حول ما إذا كانت بعض المصطلحات، مثل «صهيوني» أو «إبادة جماعية»، ستُعدّ مضايقة.

 

وقال كثير من الطلاب وأعضاء هيئة التدريس الذين تحدَّثوا إلى وكالة «أسوشييتد برس» إن اللجنة اتهمتهم بالمشارَكة في مظاهرات لم يحضروها، أو المساعدة في نشر رسائل على وسائل التواصل الاجتماعي لم ينشروها.

 

جانب من الاعتصام المؤيد للفلسطينيين في جامعة كولومبيا بولاية نيويورك الأميركية… 30 أبريل 2024 (أ.ب)

جانب من الاعتصام المؤيد للفلسطينيين في جامعة كولومبيا بولاية نيويورك الأميركية… 30 أبريل 2024 (أ.ب)

وقال محمود خليل، وهو طالب دراسات عليا، إن المكتب اتهمه بسوء السلوك قبل أسابيع فقط من تخرجه في ديسمبر (كانون الأول)، موضحاً: «هناك 13 اتهاماً ضدي، معظمها منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي لا علاقة لي بها».

 

بعد أن رفض التوقيع على اتفاقية «عدم الإفصاح»، قال خليل إن الجامعة هدَّدت بمنعه من التخرج. ولكن عندما استأنف القرار من خلال محامٍ، تراجعوا في نهاية المطاف.

 

وتابع خليل: «إنهم يريدون فقط أن يظهروا للكونغرس والسياسيين اليمينيين أنهم يفعلون شيئاً، بغض النظر عن المخاطر التي يتعرَّض لها الطلاب»، مؤكداً: «إنه في الأساس مكتب لقمع الخطاب المؤيد لفلسطين».

 

ووفقاً لبعض الطلاب، قد تكون هذه الحركة التأديبية قد أشعلت من جديد حركة الاحتجاج المؤيدة للفلسطينيين التي عصفت بالجامعات العام الماضي.

 

في الأيام الأخيرة، احتلَّ الطلاب مباني عدة في كلية بارنارد، التابعة لجامعة كولومبيا، احتجاجاً على طرد طالبين متهمين بتعطيل حصة التاريخ الإسرائيلي. وقد تم اعتقال كثير من الطلاب بعد استيلائهم على مبنى لمدة ساعات، ليلة الأربعاء.