الجزء السابع مع أبو عبدالله شرحبيل بن حسنة

الدكرورى يكتب عن أبو عبد الله شرحبيل بن حسنة ” جزء 7″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء السابع مع أبو عبدالله شرحبيل بن حسنة، وشرحبيل بن حسنة صحابي جليل وفاتح إسلامي عظيم اعتنق الإسلام في سنواته الأولي وهاجرة إلي الحبشه تميز بالشجاعة والإقدام والاستبسال في القتال، وكان صحاب مهارات حربية لا تجاري أهلته ليكون من قادة جيش أمين الأمة أبو عبيدة بن الجراج إلي الشام حيث كان علي رأس الفيلق الذي توجه لفتح الأردن، وكان الصحابى شرحبيل بن حسنة مع الرسول صلى الله عليه وسلم، بل أنه كان ملتصقا بالرسول صلى الله عليه وسلم، في عديد من المواقف، بل كان شرحبيل هو الذي أخذ السيدة أم حبيبة بنت أبي سفيان من الحبشة بعد أن تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم.

وقد زوجها إياه عثمان بن عفان، فهو الفاتح الإسلامي العظيم شرحبيل بن حسنة وكان يرتبط كذلك بعلاقات وثيقة مع كبار الصحابة حيث اكتسبه ثقتهم، وكانت مواقف الصحابي الجليل شرحبيل بن حسنة تكررت مع التابعين كذلك فقد روي عبد الله بن عدى عددا من المواقف التي جمعته بالصحابي الجليل شرحبيل قائلا اجتمع علينا العدو وطمعوا فينا وحملوا علينا في اثني عشر ألف فارس من الروم ونحن فيهم كالشامة البيضاء في جلد البعير الأسود، واستكمل بن عدي تفاصيل هذا الموقف فيقول وصبرنا لهم صبر الكراك ولم يزل القتال بيننا وبينهم إلى أن توسطت الشمس في قبة الفلك وقد طمع العدو فينا فرأيت شرحبيل بن حسنة.

 

قد رفع يده إلى السماء وهو يقول يا حي يا قيوم يا بديع السماوات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام اللهم انصرنا على القوم الكافرين، فوالله ما أتم شرحبيل كلامه ودعاءه حتى جاء النصر من عند الله العزيز الحكيم وذلك أن القوم داروا بنا فرأينا غبرة قد أشرفت علينا من صوب حوران فلما قربت لنا رأينا تحتها سوابق الخيل فلاحت لنا الأعلام الإسلامية والرايات المحمدية وقد سبق إلينا فارسان أحدهما ينادي ويزعق يا شرحبيل يا ابن حسنة أبشر النصر لدين الله أنا الفارس الصنديد والبطل المجيد أنا خالد بن الوليد، والآخر يزعق ويقول أنا عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، وأشرفت العساكر من كل جانب، وأكتملت مشاهد النصر علي الروم.

 

إذ أشرفت راية العقاب يحملها رافع بن عميرة الطائي، وهذا هو البطل شرحبيل بن حسنة ويشهد له بذلك جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومع الخلفاء الراشدين من بعده، ويكفي أن يذكر التاريخ عنه أنه فاتح الأردن، وأنه كان لجهاده في أرض الشام أثر كبير، في اندحار الروم ونشر الإسلام في تلك الربوع، وقد مات شرحبيل بن حسنة يوم اليرموك، ويقال إنه طعن هو وأبو عبيدة بن الجراح في يوم واحد، وقيل عندما وقع طاعون عمواس في بلاد الشام، وقف عمرو بن العاص خطيباً في الناس فقال إن هذا الطاعون رجس فتفرقوا عنه في هذه الشعاب وفي هذه الأودية، لكنه أصاب شرحبيل، فما لبث أن مات في الطاعون.

 

ودُفن في صيدا بلبنان، وقيل بل دُفن في الأردن في الأغوار، وكان عمرة سبعا وستين سنة، وهكذا عاشت وماتت الصحابة الكرام رضوان الله تعالى عليهم أجمعين فمنذ نهاية عصر الفاروق عمر رضى الله رضى الله عنه، فقد بدت ملامح التغير في المجتمع المسلم واضحة للعيان، فقد اتسعت الفتوح، وفاض المال بأيدي المسلمين الذين كثروا، ودخل فيهم عناصر جديدة كثيرة من أهل البلاد المفتوحة التى مثَّلت الأغلبية خلال سنوات معدودة، وكانت هذه الغالبية منها من كان مخلصا لله سبحانه وتعالى في إسلامه، ومنها من كان موتورا يريد الانتقام من الإسلام الذي هدم ديانته، وقضى على دولته، كما كان حال بعض اليهود والفرس، وكما ساد الميل إلى الدنيا في نفوس كثير من المسلمين، فركن بعضهم إلى الدنيا وزينتها.