تزايد مخاوف الأسواق من تدهور ديون الشركات وسط تصاعد خفض التصنيفات عالميًا

تزايد مخاوف الأسواق من تدهور ديون الشركات وسط تصاعد خفض التصنيفات عالميًا

لقد واجهه الأسواق المالية العالمية أسوأ موجة خفض للتصنيفات الائتمانية منذ عام 2021، في إشارة جديدة إلى تصاعد المخاطر المحيطة بديون الشركات وسط حالة من الغموض الاقتصادي وتزايد المخاوف بشأن قدرة الشركات على الصمود أمام التحديات التمويلية المقبلة.

 

فبحسب تقرير لمحللين في بنك “جيه بي مورغان”، جرى تخفيض تصنيف ديون بقيمة 94 مليار دولار من الديون الأمريكية الممتازة خلال الربع الثاني من العام الحالي، متجاوزة الترقيات التي بلغت 78 مليار دولار فقط، للمرة الأولى منذ أوائل 2021، وهو ما يعكس بدء تدهور جودة الائتمان في قطاع الشركات بالتزامن مع تزايد عدم اليقين حول مستقبل الاقتصاد العالمي وتداعيات التوترات التجارية.

 

تقييمات مرتفعة رغم المخاطر

 

رغم هذه الموجة من التخفيضات، لا تزال تقييمات سندات الشركات مرتفعة بشكل لافت، حيث تتداول فروق أسعار السندات الأميركية المصنفة عند درجة جديرة بالاستثمار عند مستوى 0.8 نقطة مئوية، أقل بكثير من متوسط العقدين الماضيين البالغ 1.5 نقطة مئوية، بينما تقترب الفروق في الأوراق عالية المخاطر من 2.8 نقطة مئوية مقارنة بمتوسط 4.9 نقطة مئوية قبل 20 عامًا، مما يزيد من صعوبة اختيار الاستثمارات الائتمانية بعناية لتجنب التعرض لمخاطر التخفيضات المتوقعة.

 

وأوضح جون كوران، رئيس قسم الائتمان ذي التصنيف الاستثماري في “برينسيبال آسيت مانجمنت”، أن “قابلية التعرض لمخاطر خفض التصنيف الائتماني باتت أعلى من أي وقت مضى”، مؤكداً أن المرحلة المقبلة تتطلب دقة في اتخاذ القرارات الاستثمارية.

 

مؤشرات على ضعف جودة الائتمان

 

تواجه الشركات علامات تحذيرية أخرى بشأن ضعف جودة الائتمان، إذ أظهرت بيانات “جيه بي مورغان” ارتفاع نسبة المقترضين الذين يستخدمون خيار الدفع العيني إلى 9% من إجمالي مدفوعات الفائدة العالمية مقارنة بـ4% في عام 2020، إلى جانب بدء تراجع أرصدة السيولة النقدية لدى الشركات الأمريكية ذات التصنيف المرتفع، وهو ما يعزز المخاوف حول قدرتها على مواجهة أعباء الديون.

 

وتتجه شركات إدارة الأصول الكبرى مثل “باسيفيك إنفستمنت مانجمنت” إلى مزيد من الحذر في قطاعات مثل التجزئة والمعادن والسيارات، بينما تركز على القطاعات الدفاعية الأكثر استقرارًا مثل الرعاية الصحية والمرافق والبنوك وشركات خطوط الأنابيب.

 

حالة من التفاؤل الحذر

 

رغم هذه المؤشرات المقلقة، لا يزال بعض المستثمرين يشعرون بالتفاؤل بخصوص متانة الائتمان، مدعومين بعوائد الشركات المرتفعة مقارنة بمعايير العقد الماضي، واستمرار مديري الأصول في بيع عقود الحماية من التخلف عن السداد بوتيرة متزايدة، مما يعكس ثقتهم في قدرة السوق على استيعاب المخاطر على المدى القريب.

 

ومع ذلك، فإن تقارير “جيه بي مورغان” تكشف عن تحول مقلق، إذ بلغت قيمة “الملائكة النازلة” السندات التي خُفض تصنيفها إلى مستوى عالي المخاطر حوالي 34 مليار دولار خلال الربع الثاني، في حين لم تتجاوز قيمة “النجوم الصاعدة” ذات التقييمات المرتفعة 3 مليارات دولار فقط، مما يعزز المخاوف حول تدهور وضع الشركات الائتماني في الفترة المقبلة.

 

الرسوم الجمركية تزيد الغموض

 

على جانب آخر، أثارت التصريحات الأخيرة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول فرض رسوم جمركية بنسبة 35% على بعض الواردات الكندية، مزيدًا من المخاوف حول تصاعد الحروب التجارية، في وقت تواجه فيه الشركات بالفعل أعباءً إضافية مرتبطة بالرسوم والتوترات الجيوسياسية.

 

وحذرت كريستينا بادجيت، رئيسة أبحاث التمويل بالديون والائتمان الخاص في وكالة “موديز”، من أن الشركات تعيش حالة من عدم اليقين وسط بيئة اقتصادية غير مستقرة، في ظل عدم وضوح مستقبل العديد من الشركات التي تواجه تحديات كبيرة في الحفاظ على استقرار تصنيفاتها الائتمانية وسط هذه التغيرات السريعة.