من التهديد إلى المناورة: كيف ردّت حماس على خطة ترامب؟ ردود عربية ودولية وتحليل شامل للمشهد بعد “الحد الأقصى”

من التهديد إلى المناورة: كيف ردّت حماس على خطة ترامب؟ ردود عربية ودولية وتحليل شامل للمشهد بعد “الحد الأقصى”

#تقرير_صفاء_الليثي

من التهديد إلى المناورة: كيف ردّت حماس على خطة ترامب؟ ردود عربية ودولية وتحليل شامل للمشهد بعد “الحد الأقصى”

تمهيد: اللحظة الفارقة في الصراع

في نهاية سبتمبر 2025، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مقترحاً من 20 نقطة لقطاع غزة، مُرفَقاً بمهلة محدَّدة لقبول الحركة – وهدد بأنه “إذا لم توافقوا، فسيكون هناك دمار لا مثيل له”.

 

ذُكرت هذه المهلة كـ “الفرصة الأخيرة” أمام حركة حماس، مما رفع مستوى التوتر الدبلوماسي والسياسي إلى حدّ التحدي.

 

على مدى الأيام التي تلت ذلك، كانت الساحة مشتعلة بالمبادرات الدبلوماسية، التصريحات الدولية، المناشدات العربية، واللقاءات مع الوسطاء، وصولاً إلى ردّ حماس المعلن يوم الجمعة.

 

هذا التقرير يُقدّم قراءة شاملة لكل ما جرى: من البداية وحتى اليوم، مع تحليل ردود الأفعال، وقراءة في ما قد يحدث لاحقًا.

 

مشهد خطة ترامب: ماذا تضمّنت وما التحديات؟

 

قبل أن ننتقل إلى الردود، من المفيد أن نستعرض محتوى خطة ترامب وبعض البنود التي أثارت جدلاً:

 

تهدئة فورية ووقف إطلاق النار فور موافقة الطرفين.

 

الإفراج عن جميع الرهائن الإسرائيليين (أحياء وجُثث) خلال 72 ساعة من قبول الخطة، مقابل إطلاق سراح فلسطينيين وسجناء في إسرائيل.

 

انسحاب القوات الإسرائيلية تدريجياً إلى خطوط متفق عليها.

 

نزع السلاح عن حماس أو معاقبة القدرات العسكرية (تفكيك البنية العسكرية).

 

إنشاء إدارة انتقالية في غزة يتولّاها تكنوقراط فلسطينيون مستقلون تحت إشراف دولي، قد تشمل قوى عربية، مع دور لحكومة موقتة، وربما إشراف من ترامب أو منظمات دولية.

 

ضمان عدم تهجير الفلسطينيين من غزة، مع دعم إعادة الإعمار والمساعدات الدولية.

 

 

لكن الخطة احتوت على نقاط جدلية كبيرة، أبرزها: من يملك القرار داخل غزة؟ هل تُقصى حماس من الحكم بشكل نهائي؟ ما هو الجدول الزمني لسحب السلاح؟ وهل تُعطى الحصانة لمن يوافق؟

 

هذه البنود المتنازع عليها غالباً ما كانت محطّ تركيز ردّ الحركة وردود الفعل.

ردّ حماس: موافقة مشروطة مع خطوط حمراء

مساء  الجمعة، قامت حماس بتسليم ردّها عبر الوسطاء، بعد مشاورات داخلية وخارجية، يشمل قياداتها والفصائل الفلسطينية.

أبرز مكوّنات الرد:

موافقة مبدئية على إطلاق الأسرى

أقرّت الحركة بالإفراج عن جميع الأسرى الإسرائيليين (أحياء وجُثث) طبقا لصيغة تبادل واردة في مقترح ترامب، مع ضرورة توفير “الظروف الميدانية الملائمة” لعملية التبادل.

 

الانفتاح على مفاوضات فورية

قالت إنها مستعدة للدخول فورًا في مفاوضات عبر الوسطاء لمناقشة التفاصيل.

 

إدارة غزة عبر جهة فلسطينية توافقية

أبدت استعدادها لتسليم إدارة القطاع إلى هيئة فلسطينية من المستقلين (تكنوقراط)، على أن يُشكَّل هذا الإطار بناء على التوافق الوطني والدعم العربي والإسلامي.

رفض التهجير القسري

أكدت الحركة رفض أي تهجير فلسطيني قسري، رافضة أن يُرسم مستقبل غزة بقرارات خارجية مفروضة على السكان.

 

التحفظ على قضية السلاح والانسحاب المرحلي

لم تشر حماس صراحة إلى نزع سلاحها أو إلى تنفيذ جدولي للانسحاب الإسرائيلي. كما رفضت الانسحاب المرحلي ذي التدرج الذي يُخالف مطلبها بالانسحاب الكامل الفوري.

بالتالي، ردّ الحركة جاء كمزيج بين التنازل المدروس والتمسّك بالثوابت الأساسية، مع إبراز أن الحوار يجب أن يكون داخليًا وفلسطينيًا في جو وطني.

ردود الفعل العربية والدولية: ترحيب، تحفظ، ضغوط

إليكم أبرز ما ورد من ردود على رد حماس وخطة ترامب:

الردود العربية:

مصر

أعربت وزارة الخارجية المصرية عن أملها بأن تؤدي التطورات الإيجابية، خصوصًا رد حماس، إلى التزام جميع الأطراف بتنفيذ الخطة.

كما أكّدت مصر أنها ستواصل جهودها المكثفة مع الدول العربية والأطراف الدولية لوقف إطلاق النار.

دول عربية وإسلامية أخرى

رحبت بعض الدول برد حماس ودعتها إلى استغلال هذه اللحظة نحو وقف دائم للحرب.

في المقابل، دعا بعض الوزراء العرب حركة حماس إلى قبول الخطة كاملة، بما في ذلك التخلي عن السلاح – كما طالب وزير الخارجية المصري بذلك.

الردود الدولية:

الولايات المتحدة وإسرائيل

ترامب رحّب برد الحركة، واعتبره دلالة على استعدادها لـ “سلام دائم”، ودعا إسرائيل إلى التوقف عن القصف فورًا.

إسرائيل أبدت استعدادها لتنفيذ المرحلة الأولى من مقترح ترامب للإفراج عن الرهائن بعد رد حماس.

أوروبا والدول الكبرى

فرنسا رحّبت بالمبادرة، وطالبت إسرائيل بالالتزام الجدي – وعلّق ماكرون قائلاً إنه لا خيار أمام حماس سوى إطلاق جميع الرهائن والالتزام بالخطة.

دول الاتحاد الأوروبي وبعض الدول الأوروبية رحّبت بمقترح ترامب بشرط أن تحمي حقوق المدنيين الفلسطينيين، وتُجنب التهجير.

ردود مؤسسات دولية ومنظمات حقوقية

دعا بعض المراقبين والمنظمات إلى استثمار رد حماس كفرصة لوقف الحرب وتحويلها إلى طاولة تفاوض، مع مراقبة شفافية التنفيذ واحترام حقوق الإنسان.

 

تحليل استراتيجي: من نصر رمزي إلى احتمالات التفاعل المستقبلي

 

لماذا يُمكن اعتبار رد حماس نصرًا تكتيكيًا؟

 

1. فرض نفسها كطرف لا يمكن تجاوزه

باستخدام تركيبة رفض جزئي وموافقة مشروطة، أصبحت حماس طرفًا ملزمًا بالحوار ومطلوبًا في التصميم النهائي لأي تسوية.

 

 

2. الإبقاء على ورقة السلاح كاحتياط تفاوضي

لم تتخلَّ عن سلاحها، ولم تُحدد جدولة لنزعه، ما يمنحها القدرة على الضغط في المفاوضات القادمة.

 

 

3. الانتقال من موقف الدفاع إلى مبادرة

بدلاً من أن تُكتفى بردود الفعل، جاءت المبادرة من الحركة نفسها، مما يُخفِّض من مواقف الانتقاد بأنها عائق في الطريق.

 

 

4. كسب تأييد شعبي ورمزي

في الشارع الفلسطيني والعربي، يُنظر إلى هذه الخطوة على أنها “مرونة محسوبة” وليست استسلامًا مفرطًا، ما يعزز من صورتها.

التحديات والمخاطر أمام حماس:

 

الضغوط الدولية على تنفيذ الالتزامات

قد يُطلب منها تنفيذ بنود قد تُضعف موقعها لاحقًا، مثل التراجع عن بعض صلاحياتها أو التسليم الكامل بالسلاح.

 

اختبار مدى التزام الجانب الآخر

حتى لو قُدّمت الموافقات، يبقى السؤال: هل إسرائيل والوسطاء سيُنفّذون المقترحات بجدية، أم يُسحب منها بعض البنود؟

 

توقيت التنفيذ والبطء

المفاوضات قد تستغرق وقتًا، وقد تُستنزف حماس زمنياً وسط ضغوط ميدانية أو سياسية.

 

الإجراءات بالعقوبات إذا تأخّرت

في حال التأخير أو المطالب الُمضافة، قد تُعرَض الحركة لعقوبات سياسية أو محاولات عزل داخلي أو خارجي.

ما الذي قد يحدث لاحقًا؟ سيناريوهات مرتقبة

1. تنفيذ جزئي مُبرَّر

تبدأ المرحلة الأولى – إطلاق الأسرى والتهدئة المؤقتة – بينما تبقى المباحثات مستمرة حول بقية البنود مثل الإدارة والسلاح.

2. تسوية مرحلية تراعي مصالح الأطراف

قد يُصار إلى حل وسط يُعطي حماس دورًا محدودًا في الحكم المحلي، مع التزام بعض الضوابط عليها، مقابل التزام دولي بضمانات.

3. انهيار المفاوضات وعودة التصعيد

إذا فشل الطرف الآخر في تلبية بنود الرد أو تأخر في التنفيذ، قد تلجأ حماس إلى العودة إلى المواجهة أو التصعيد العسكري الرمزي.

4. تدخلات عربية ودولية لتثبيت التسوية

قد تلعب مصر، قطر، تركيا، والدول العربية دور الوسيط والضامن، وربما تفعيل دور الجامعة العربية أو مجلس الأمن لمراقبة التنفيذ.