الدكرورى يكتب عن عبد الرحمن بن خالد بن الوليد
بقلم / محمــــد الدكـــرورى
عبد الرحمن بن خالد بن الوليد
عبد الرحمن بن خالد بن الوليد بن المغيرة القرشي المخزومي، وهو من أبناء الصحابي الجليل، والقائد العسكري المسلم، سيف الله خالد بن الوليد، وقد كان عبد الرحمن بن خالد قائدا عسكريا شارك في الفتوحات الإسلامية وبدء بمعركة اليرموك، التي قاد فيها سريّة ولم يتعد الثامنة عشرة، وقد ولاه عثمان بن عفان، مصر ثم ولاه معاوية بن أبي سفيان على حمص، وعلى العكس من أخيه مهاجر، فقد ساند معاوية ضد على بن أبى طالب، وكان حامل رايته في صفين، وأمه أسماء بنت أسد بن مدرك الخثعمي ويكنى أبا محمد.
وقد أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ورآه، وشهد اليرموك مع أبيه، وسكن حمص، وكان أحد الأبطال كأبيه، وكان معه لواء معاوية بن أبى سفيان يوم صفين، وكان يستعمله معاوية على غزو الروم، وكان شريفا شجاعا ممدوحا، وقيل أنه لما أراد معاوية البيعة ليزيد ابنه، خطب أهل الشام وقال لهم يا أهل الشام، إنه قد كبرت سني وقرب أجلي، وقد أردت أن أعقد لرجل يكون نظاما لكم، وإنما أنا رجل منكم فأروا رأيكم، فأصفقوا واجتمعوا، وقالوا رضينا بعبد الرحمن بن خالد، فشق ذلك على معاوية.
وأسرها في نفسه، ثم أن عبد الرحمن مرض، فأمر معاوية طبيبا عنده يهوديا، وهو يقال أنه ابن أثعل، وكان عنده مكينا، أن يأتيه فيسقيه سقية يقتله بها، فأتاه فسقاه فانحرق بطنه، فمات، وقيل أنه لما توفي يزيد بن معاوية سنة أربع وستين من الهجرة صار الأمر بعده إلى عبد الله بن الزبير فاستولى على الحجاز والعراق واليمن واستخلف على اليمن عددا من الولاة وقد كان من بينهم عبد الله بن عبد الرحمن بن خالد بن الوليد فأقام مدة ثم عزله، ولا جدال أن عبد الله بن عبد الرحمن أحد ولاة اليمن في عهد ابن الزبير .
ولكن الخلاف ينصب على سلسلة نسبه فهناك مصادر تحدثت عن ولاة اليمن في عهد عبد الله بن الزبير ذكرت أنه عبد الله بن عبد الرحمن بن خالد بن الوليد، ويروي ابن وهب من طريق عبيد بن يعلى، عن أبي أيوب قال غزونا مع عبد الرحمن بن خالد، فأتي بأربعة أعلاج من العدو، فأمر بهم، فقتلوا صبرا بالنبل، فبلغ ذلك أبا أيوب فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن قتل الصبر، ولو كانت دجاجة ما صبرتها، فبلغ ذلك عبد الرحمن، فأعتق أربع رقاب.
وعن عوانة بن الحكم أن معاوية استعمل عبد الرحمن بن خالد بن الوليد على الصائفة ثم قال له ما تصنع بعهدي؟ قال أتخذه إماما لا أعصيه، وقال اردد علي عهدي، علي بسفيان بن عوف فكتب له ثم قال له ما تصنع بعهدي؟ قال أتخذه إماما ما أم الحرم، فإن خالف خالفت، قال سر على بركة الله، فسار فهلك بأرض الروم، وقيل أنه لما ولي العباس بن الوليد حمص قال لأشراف أهل حمص يا أهل حمص، ما لكم لا تذكرون أميرا من أمرائكم مثل ما تذكرون عبد الرحمن بن خالد .
فقال بعضهم كان يدني شريفنا ويغفر ذنبنا ويجلس في أفنيتنا ويمشي في أسواقنا ويعود مرضانا ويشهد جنائزنا وينصف مظلومنا، ومن الأحاديث التي رواها عبد الرحمن بن خالد بن الوليد عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وروي عن عبد الرحمن بن خالد بن الوليد أنه كان يحتجم في هامته وبين كتفيه، فقالوا أيها الأمير لم تحتجم هذه الحجامة؟ فقال إن رسول الله كان يحتجمها، ويقول “من أهراق من هذه الدماء فلا يضره أن لا يتداوى بشيء” وفى وفاة عبد الرحمن بن خالد بن الوليد.
قال خليفة وأبو عبيد ويعقوب بن سفيان وغيرهم، أنه مات سنة ست وأربعين، وزاد أبو سليمان، قتله ابن أثال النصراني بالسم بحمص، وذكر ابن الأثير في كتابه الكامل في التاريخ عن سبب موته فقال قد عظم شأنه عند أهل الشام ومالوا إليه لما عندهم من آثار أبيه ولغنائه في بلاد الروم ولشدة بأسه، فخافه معاوية وخشي على نفسه منه وأمر ابن أثال النصراني أن يحتال في قتله وضمن له أن يضع عنه خراجه ما عاش وأن يوليه جباية خراج حمص، فلما قدم عبد الرحمن من الروم.
دس إليه ابن أثال شربة مسمومة مع بعض مماليكه، فشربها، فمات بحمص، فوفى له معاوية بما ضمن له، وقيل أنه عندما قدم خالد بن عبد الرحمن بن خالد المدينة فجلس يوما إلى عروة بن الزبير، فقال له عروة ما فعل ابن أثال؟ فقام من عنده وسار إلى حمص فقتل ابن أثال، فحمل إلى معاوية، فحبسه أياما ثم غرمه ديته، ورجع خالد إلى المدينة فأتى عروة، فقال عروة ما فعل ابن أثال؟ فقال قد كفيتك ابن أثال، ولكن ما فعل ابن جرموز؟ يعني قاتل الزبير، فسكت عروة.