اقتراب قيام الحرب العالمية الثالثة بين روسيا وحلفائها وامريكا وحلفائها والبداية من اوكرانيا
بقلم : د . احمد ممدوح
اقتراب قيام الحرب العالمية الثالثة بين روسيا وحلفائها وامريكا وحلفائها والبداية من اوكرانيا
الحرب الحقيقية ليست بين روسيا واوكرانيا، وانما بين روسيا وامريكا،
وذلك لان روسيا وأوكرانيا
تشترك بالروابط الثقافية واللغوية منذ عشرات السنين، ففي عهد الاتحاد السوفيتي السابق، كانت أوكرانيا ثاني أقوى جمهورية سوفيتية بعد روسيا، وكانت ذات أهمية استراتيجية واقتصادية، إلا أنه ومنذ انفصال أوكرانيا عن الاتحاد السوفيتي في عام ١٩٩١م، تتنافس كل من روسيا وامريكا من أجل الحصول على النفوذ الأكبر في البلاد بغية الحفاظ على ميزان القوى في المنطقة لصالحها.
ورغم كون روسيا دولة كبيرة ولا تحتاج إلى توسيع أراضيها، إلا ان عالم السياسة الأمريكي زبيغنيو بريجنسكي يؤكد أنه بدون أوكرانيا لن تصبح روسيا إمبراطورية، رغم أن روسيا ظلت لاعباً عالمياً حتى بعد إعلان أوكرانيا لاستقلالها، وعلى العكس من ذلك، تكمن قوة روسيا داخل الحدود الحالية للاتحاد الروسي، والذي ظل موحدًا رغم الكوارث التي مرت بها روسيا بما في ذلك الحرب الأهلية في بداية القرن العشرين، وانهيار الاتحاد السوفيتي السابق.
ولقد حصلت أوكرانيا، والتي كانت جزءًا من الإمبراطورية الروسية لقرون قبل أن تصبح جمهورية سوفيتية، على استقلالها مع تفكك الاتحاد السوفيتي، وتحركت بصورة حثيثة للتخلي عن تراثها الروسي وإقامة علاقات وثيقة مع الغرب بشكل متزايد.
ويجب تذكر الرغبة الروسية بعودة الاتحاد السوفيتي والتي هي عقيدة راسخة في عقل كل روسي وليست نتيجة طموحات أو أهداف شخصية للرئيس بوتين.
وايضا كلمة الرئيس بوتين في أحد مراكز الأبحاث، في السنة الثانية لاستلامه الرئاسة، وقال فيها “لقد أنجزنا تنظيم الاتحاد الروسي ورسالتنا الرئيسة التالية أن نهتم بمحيطنا الجيوسياسي”.
وعلي الجانب الاخر فان أمريكا عندما أنشأت “الناتو” كان ذلك انطلاقا من رغبتها في احتواء روسيا وعدم عودتها خصما موازيا لها وبالتالي يجب تذكر أن كلا الطرفين يتصارعان حول النظام العالمي، أمريكا من جهتها تريد الاستمرار في قيادة العالم، وروسيا من جهة أخرى تتطلع إلى دورها في قيادة النظام العالمي -كما كان- بقيادة ثنائية (أمريكية، سوفيتية).
و يزعم بوتين أن الهدف من الهجوم العسكري على أوكرانيا هو حماية المتحدثين بالروسية على أراضيها، خاصة هؤلاء الموجودين في جمهوريتي دونتيسك ولوهانسك، اللتين أعلنتا انفصالهما عن كييف في عام ٢٠١٤م.
وفي المقابل، نفت أوكرانيا مزاعم موسكو، وقالت إنها لا تحاول فرض سيطرتها على الولايتين بالقوة.
ويعتبر بوتين أن احتمال انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو “عملا عدائيًا”، وأعطى الرئيس الروسي، في ديسمبر الماضي، للناتو قائمة بالمطالب الأمنية، كان من بينها ضمان عدم انضمام كييف أبدًا إلى الحلف، علاوة على تقليص تواجدها العسكري في شرق ووسط أوروبا، غير أن الولايات المتحدة وحلفائها رفضوا هذه المطالب فورًا.
وعلاوة على ذلك، رفض الرئيس الروسي حق أوكرانيا في الوجود خارج روسيا، مشيرًا إلى أن البلدين يجمعهما تاريخ وثقافة مشتركين، وقد أدعي بوتين – في مقال كتبه- أن أوكرانيا الحديثة أسستها روسيا بالكامل.
وقال محللون، إن أوكرانيا ليست مجرد دولة حدودية ولكنها أقرب دولة للعمق الروسي، بالإضافة إلى التداخل السكاني والتاريخي للبلدين، وتريد موسكو ضمان أمنها بشكل كامل من هذه الجهة، لاسيما بعد إعلان رئيسها أن بلاده ترغب في الانضمام إلى الناتو والحصول على أسلحة نووية.
وقال بوتين إن انضمام أوكرانيا إلى الناتو يشكل تهديدًا مباشرًا لروسيا، ويعتبر الرئيس الروسي أوكرانيا وروسيا دولتين لا تنفصلان.
و أعلن الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرج أن الحلف العسكري سيدافع عن كل شبر من أراضيه حال مهاجمة روسيا لأحد أعضائه، ولكن أوكرانيا ليست جزءًا منه.
وقال بايدن إن الناتو يعقد قمة للجمع بين الزعماء ٣٠ دولة حليفة وشركاء مقربين لتأكيد تضامنهم مع كييف وتحديد الخطوات المقرر اتخاذها.
وأكد بايدن أن القوات الأمريكية ليست ولن تشارك في صراع مع روسيا بأوكرانيا، لكنها ستدافع عن حلفائها في الناتو وتطمئن هؤلاء الحلفاء في الشرق.
و تثير التعزيزات العسكرية لحلف الناتو غضب الدب الروسي، حيث تعتبر إحدى شكواه الرئيسية بشأن الطريقة التي انتهت بها الحرب الباردة الأولى هي أنها سمحت لحلف الناتو بإضافة ١٤ دولة في النهاية اعتبرها الاتحاد السوفيتي جزءًا من منطقته الإستراتيجية العازلة.
و يمكن أن تكون المساعدة الغربية للقوات الأوكرانية حافزًا أيضًا، سواء كانت مساعدة علنية للحكومة الأوكرانية أو مساعدة سرية لمقاتلي المقاومة، كما أن هذا الدعم الذي يقوم به المعسكر الغربي لا يأتي بدون مخاطر، إذا كانت الأسلحة تأتي من بولندا، فهل هذا يعني أن الروس سيبدؤون في اللعب علي الملعب البولندي قريبا ؟ إذا كان القيصر الروسي متهورًا بما يكفي للذهاب إلى أوكرانيا، فقد يكون متهورًا بما يكفي لاختبار الناتو.
و لذلك كانت التصريحات الأمريكية دائما مشوبة بالقلق من السلوك الروسي، ومنها على لسان المساعد السابق لمجلس الأمن القومي في إدارة أوباما، تشارلز كوبشان خلال لقاء تليفزيوني، أن «سلوك بوتين المتهور لا يترك للولايات المتحدة وحلفائها أي خيار سوى زيادة الدفاعات على الجانب الشرقي لحلف الناتو، ألا إن الروس لن يعجبهم ذلك وسوف يردون بالمثل».
بالفعل ألمح بوتين، خلال خطابه الأسبوع الماضي الذي أعلن فيه الغزو على أوكرانيا، إلى أنه يحتفظ بالحق في استخدام الأسلحة النووية إذا شعر بالتهديد من قبل قوى أجنبية، وهو تصعيد مذهل للخطاب.
وقال المحلل السياسي الروسي، ألكسندر نازاروف، أن الحرب العالمية الثالثة قد بدأت بالفعل، وأنه “لا داعي للاستغراب من ذلك”، وفق قوله.
واستعرض الإجراءات الأوروبية ضد روسيا منذ بداية الحرب في أوكرانيا ٢٤ شباط/ فبراير الماضي، وكذلك طلبات دول من الاتحاد السوفييتي سابقا الانضمام للاتحاد الأوروبي وأخرى لحلف الناتو، وقال إن الغرب يغمر أوكرانيا بالسلاح، لدرجة أنه قريبا ما سيصبح نصيب الأوكرانيين منه ٣ قاذفات قنابل يدوية
و٢ ستينغر لكل مواطن.
واعتبر أن “الغرب يشطب روسيا وكل الحضارة الروسية وكل ما هو روسي من التاريخ على أقل تقدير، وسيحاول محوها من تاريخ العالم”، وأنه “يدور الحديث عن التدمير المادي لكل شيء روسي في العالم، كما قام الرومان القدماء برش الأرض بالملح، بعد استيلائهم على قرطاج، حتى لا ينمو أي شيء آخر هناك”.
وشدد على أن “تلك هي معركة النهاية.
واعتبر أن الغرب “في عجلة من أمره، ولم يتبق له سوى عام أو عامين كحد أقصى قبل انهيار الاقتصاد، والانتصار التلقائي لروسيا والصين. والتدمير الوقائي لروسيا، ثم للصين، هو الفرصة الوحيدة لبقاء الغرب على قيد الحياة”.
ولقد تمكنت أمريكا من فرض صراع عسكري على روسيا، معتبرا أنها “فازت بهذه الجولة، ونجحت في تنفيذ انقلاب بأوكرانيا في العام ٢٠١٤م، والآن، من خلال دميتها في كييف، تمكنت من فرض الحرب”.
ولقد أعلن الرئيس الروسى صراحة مهددًا الجميع حين قال أن من يحاول أن يقف فى طريقنا عليه أن يتحمل عواقب وخيمة غير مسبوقة، لقد كان يهددنا بحرب نووية.
وأضاف بوتين في معرض حديث متلفز لشعبه بثه تلفزيون روسيا لإعلان الغزو الروسي لـ أوكرانيا أن “تحركات روسيا إنما هي للدفاع عن النفس من التهديدات ومن مشكلات أكبر من الموجودة اليوم”.
و تظل الأزمة الحالية أبعد مدى من أوكرانيا، وأعمق وأخطر مما تبدو. حلف الناتو متوجس من أنها البداية، لا يدري ماذا يخطط له الرئيس فلاديمير بوتين بعد أوكرانيا. هل ينوي الروس الاستيلاء، أو استعادة، عدد من دول الاتحاد السوفيتي السابقة، وبنفس المسوّغات التي استُخدمت، باسم التاريخ، والجغرافيا، والتراب، والدين، والديون المالية، وحماية الأمن القومي، والرد على تمدد الناتو، أو استجابةً لاستغاثة من إقليم انفصالي أو جماعة معارضة…؟
و هل تكون لاتفيا وليتوانيا وإستونيا الحرب القادمة؟ هناك ١٥ دولة انفصلت عن الاتحاد السوفيتي يعدّها القوميون الروس لهم، ويعدّون الغرب مذنباً فيما حدث. الرئيس بوتين هو المنظّر لهذا الطرح، ورسم في خطابه الماضي خريطة سياسية مهمة لفهم الوضع الحالي والمستقبلي. قال: «قيادة الحزب الشيوعي ارتكبت الكثير من الأخطاء التي أدت إلى انهيار الاتحاد السوفيتي، وإن حق الجمهوريات في مغادرة الاتحاد كان بمثابة (القنبلة الموقوتة) تحت الدولة الروسية التي كانت تسمى الاتحاد السوفيتي آنذاك».
و روسيا تبدو عازمة على التمدد، وحلف الناتو وامريكا ودول الغرب يواجهان وضعاً صعباً، حيث إن الدخول في مواجهة مباشرة مع دولة نووية أمر خارج الاحتمالات، و يؤدي الي قيام حرب عالمية ثالثة تستخدم فيها جميع الاسلحة وخاصة الاسلحة النووية والتي سوف تؤدي الي هلاك معظم البشر وتدمير العالم.