الدكرورى يكتب عن خطيب الأنبياء شعيب عليه السلام “جزء 2”
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
خطيب الأنبياء شعيب عليه السلام “جزء 2″
ونكمل الجزء الثاني مع خطيب الأنبياء شعيب عليه السلام، ويصور لنا الله عز وجل هذا المشهد فيقول تعالي علي لسانهم ” قالوا يا شعيب أصلاتك” أي بمعني دينك “أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء” أي دين هذا الذي يتدخل بالاموال يتدخل بالتجارة يتدخل بالاقتصاد يتدخل بالمكيال والميزان والبيوع والشراء أي دين هذا هذه الدعوة القديمة التي أطلقها قوم شُعيب لا زالت تتكرر في كل زمان ومكان لا زال يظهرون أقوام يزعمون أن دين الله عز وجل لا علاقة له بالحياة وأن دين الله عز وجل لا علاقة له بالبيع والشراء أن دين الله عز وجل ليس له دعوة بالاقتصاد وبالبيع وبالشراء وبالتجارات الدين ليس له علاقة بهذا هذا ما قاله قوم شعيب لشعيب، ورغم استمرارهم في العناد والتكذيب، بقي شعيب عليه السلام ثابتا في دعوته.
وواثقا من أمر الله تعالي، ولم يؤمن منهم إلا نفر قليل فقط، فهددوهم بالطرد من مدينتهم، أو أن يعودوا إلى كفرهم، وفي هذا قوله تعالى ” قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا” ثم أخذوا يستهزؤون بشعيب عليه السلام مع أنه أعقلهم مع أنه أفهمهم مع أنه أفصحهم لسانا أخذوا يستهزؤون به يقولون إنك عاقل عندما تدعون بهذه الدعوة إنك رشيد وعاقل إستهزاء به “إنك لأنت الحليم الرشيد” وما قصدوا أنه حليما وما قصدوا أنه رشيد وحليم لكنهم يستهزؤون به إستهزاء إنك حليم إنك رشيد عند عندما تتدخل حتى بتجارتنا وأموالنا وبيعنا ولهذا رد عليهم شعيب عليه السلام قال لهم يا قوم أرأيتم إن كان ديني هو الحق إن كان كلامي ما أقول لكم هو الحق، وإن كنت قد جئتكم بالبينات ماذا ستفعلون؟
“قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي ورزقني منه رزقا حسنا” قد يكون الذي أملك قليلا ليس مثلكم قد تكونوا تملكون الثروات والارصدة والاموال والتجارات سرقتم أموال الناس ونهبتم أموال الفقراء وقطعتم الطريق وأخذتم الضرائب أما أنا فعندي رزق قليل لكنه حسن ومع هذا عندما حذرتكم من الحرام من السرقة ومن الغش ومن الاحتيال ومن النصب فإنني والله يشهد على هذا لن أفعل ما أنهاكم عنه لن آمركم بشيء ولا أفعله لن أنهاكم عن شيء وآتيه سأكون قبلكم إلتزاما بما أقول، لهذا رد عليهم نبى الله شعيب عليه السلام فقال كما قال تعالي ” وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه” إذا ماذا تريد يا شعيب “إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إِلا بالله” أي أنني لا أريد إلا الاصلاح والتوفيق الذي سيكون من الله جل وعلا وحده “وما توفيقي”
ما أرجع الامر لقوته ولا لفهمه ولا لذكائه ولا لعقله بل قال أرجع الامر لله عز وجل فهكذا الدعاء يرجعون أمرهم فقط لله جل وعلا “وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت” وكل الانبياء على الله عز وجل متوكلون، كما قال تعالي “عليه توكلت وإليه أنيب” أي أنا الذي آمركم به سوف ألتزمه هدفي في الارض فقط الاصلاح ليس كما تقولون أنني أنهاكم عن شيء فأتيه لا والله أنا أولكم إلتزاما بل قبلكم سوف ألتزم ببيع وشرائي وتجارتي سوف أكون أول الملتزمين أريد الاصلاح في الارض أريد أن ألا يُأخَذ الناس من أموالهم بظلم بل يُعطى كل ذي حق حقه لا زال شعيب عليه السلام يدعوا قومه إلى الله إلى عبادة الله وحده وإلى ترك البيوع المحرمة والتجارات المحرمة وقومه يعاندون ويصرونه، وكانت دعوة نبى الله شعيب عليه السلام.
كما كانت دعوة ورسالة الأنبياء والرسل قبله وبعده، فقد جاء إلى قومه مدين الذين ظهرت فيهم مظاهر الشرك والضلالات فدعاهم إلى توحيد الله تعالى وعبادته وحده سبحانه، كما نهاهم عن ما كانوا عليه من المنكرات كتطفيف الموازين، والإفساد في الأرض، والترصد بكل من آمن بدعوة الله تعالي، كما ذكرهم بنعم الله عز وجل عليهم وكيف كانوا قليلا فكثرهم الله، كما دعاهم إلى الاتعاظ بما حل بالأقوام المفسدين من قبلهم، وقابل قوم شعيب عليه السلام دعوة نبيهم بالإعراض والتكذيب، واتهموه بالسفه والضعف، كما هددوه بالرجم والقتل و إخراجه من ديارهم أو أن يعود في ملتهم مرة أخرى، وعلى الرغم من تكذيب قومه له عليه السلام إلا أنه بقي ثابتا على دعوته، مستمرا في نصيحتهم، حتى أتى أمر الله تعالى فتوعدهم عليه السلام بعذاب قريب في مدة ثلاثة أيام.