طالوت وجالوت ” جزء 7″

الدكرورى يكتب عن طالوت وجالوت ” جزء 7″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى

طالوت وجالوت ” جزء 7″

ونكمل الجزء السابع مع طالوت وجالوت، وكان بنو إسرائيل يأخذون التابوت معهم في معاركهم لتحل عليهم السكينة ويحققوا النصر، وكان من بين هؤلاء الطغاة الظلمة هو جالوت، فقد قام بالاستيلاء على أراضي بني إسرائيل عنوة، وقتل أبناءهم ونساءهم، وشردهم من أرضهم، وفي هذه الفترة أرسل الله نبيا لبني إسرائيل يعظهم ويعلمهم دينهم، وبعدما استولى جالوت على أرضهم ذهب بنو إسرائيل للنبي وقالوا له إننا مظلومون، ومشردون، فرد عليهم قائلا نعم أنتم كذلك، فقالوا له لماذا لا نقاتل في سبيل الله تحت راية ملك واحد ونسترجع أراضينا؟ وإن القضية هنا هي قضية الموت، وهل يمنع حذر من قَدر؟ وهل الفرار من الجهاد سيجنبه الموت؟

وهل الذي يهرب من الجهاد خوفا من القتل وحرصا على الحياة يتحقق له ما أراد؟ يقول القرطبي في تفسيره لهذه الآية قال ابن عطية “وإنما اللازم من الآية أن الله تعالى أخبر نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم إخبارا عن قوم من البشر خرجوا من ديارهم فرارا من الموت فأماتهم الله ثم أحياهم، ليرى كل من خلف من بعدهم أن الإماتة هي بيد الله تعالى لا بيد غيره، فلا معنى لخوف خائف، ولا لاغترار مغتر، وجعل الله تعالى هذه الآية مقدمة بين يدي أمر المؤمنين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم بالجهاد، وهو ظاهر وصف الآية، وإن هذا خطاب لأمة النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم بالقتال في سبيل الله في قول الجمهور، وهو الذي يُنوى به أن تكون كلمة الله هي العليا.

وسبل الله كثيرة، فهي عامة في كل سبيل، وما من سبيل إلا يُقاتل عليها أو فيها أو لها، وأعظمها دين الإسلام، وقيل هو أمر من الله تعالى للمؤمنين ألا تهربوا كما هرب هؤلاء، ومن الدروس المستفاده أن من حكمة الله تعالى تمييز الخبيث من الطيب، والصادق من الكاذب، والصابر من الجبان، وأنه لم يكن ليذر العباد على ما هم عليه من الاختلاط وعدم التمييز، ومنها أن من رحمته وسننه الجارية أن يدفع ضرر الكفار والمنافقين بالمؤمنين المقاتلين، وأنه لولا ذلك لفسدت الأرض باستيلاء الكفر وشعائره عليها، أما عن العصبة التي كانت مع طالوت فهي أن الله عز وجل هو الذي اختاره وكفى بها عصبة، لكن في زماننا هذا لا يوجد وحي من الله تعالى.

وأن الله اختار فلانا، فلا بد من عصبة يقوم بها الملك، والمقصود أن نبيهم أخبرهم إن الله قد بعث لهم طالوت ملكا، وأخبرهم بذلك حتى يلين قلوبهم لأمر الله وطاعته، وآتاه بسطة في العلم والجسم، أي علم عام بالشرع، وعلم بالحروب، وكانت الحروب آنذاك تعتمد اعتمادا كليا على القوة الجسمية، وبعد أخذ وعطاء أذعنوا، وذلك بعد أن أخبرهم نبيهم أن ثمة آيات أعطاها الله عز وجل لطالوت، وكانت التابوت والسكينة وقد تحدث العلماء عنها من جوانب عديدة، لكن لا يوجد شيء يعتمد عليه ممكن أن ينقل، وكلها أقاويل منقولة عن مسلمة أهل الكتاب، ولا يدرى صحيحها من سقيمها أو قويها من ضعيفها، لكن نقول جملة إن الله عز وجل أعطى طالوت قرائن.

لا يستطيع معها بنو إسرائيل أن يردوا ملكه منها تابوت ينصرون به، وهيئة هذا التابوت لا نعلمها، أما السكينة فقد تكون بمعناها العربي المعروف وهي الطمأنينة، وقد يكون غير ذلك، كما قيل إنها ريح، وقيل إنها طائر، وقيل غير ذلك، وأما عن بقية آل موسى وآل هارون، فقيل عصا موسى وعصا هارون ورضاض من الألواح التي كتبت فيها التوراة لنبى الله موسى عليه السلام، وهذا محتمل، لكن لا يوجد جزم به، وقد أخذ طالوت الجيش يعبر بهم نهر الأردن لمقابلة العمالقة الذين يقودهم جالوت، فالدنيا قائمة على الامتحان وكلما ابتلى الله الإنسان بشيء وفاز فيه يبتليه بشيء آخر، وهذه سنة الله عز وجل في خلقه، وقيل أنه كان جيش طالوت ثمانين ألف محارب.