الدكرورى يكتب عن حياة الخضر عليه السلام ” جزء 3″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
حياة الخضر عليه السلام ” جزء 3″
ونكمل الجزء الثالث مع حياة الخضر عليه السلام، وفي رواية أخرى رد الرجل أى الخضر، على النبي صلى الله عليه وسلم من خلال أنس بن مالك وقال إن الله فضلك على الأنبياء مثلما فضل به رمضان على الشهور، وفضل أمتك على الأمم مثل ما فضل يوم الجمعة على سائر الأيام، ومن حكاياته مع الصحابة أن الخليفة عمر بن الخطاب كان في المسجد ويستعد لإمامة المصلين لصلاة الجنازة على ميت، فإذا برجل ينادي، يطلب منه عدم البدء، فانتظر عمر بن الخطاب حتى جاء الرجل وانتظم في صفوف الصلاة، فبدأ عمر بن الخطاب، وحينها قال الرجل “إن تعذبه فقد عصاك وإن تغفر له فإنه فقير إلى رحمتك” ولما دُفن الميت قال الرجل مجهول الهوية “طوبى لك يا صاحب القبر وإن لم تكن عريفا أو جابيا أو خازنا أو كاتبا أو شرطيّا”
وهنا طلب عمر بن الخطاب الإتيان بالرجل إليه، ليسأله عن أحواله وكلامه، فاختفى الرجل، ووجد الناس أثر قدمه على الأرض بطول ذراع، فقال عمر بن الخطاب “هذا والله الخضر الذي حدثنا عنه النبي صلى الله عليه وسلم” وهذا حسبما جاء في كتاب “الجنائز” لابن شاهين، وإن للخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز، أكثر من قصة مع الخضر، حيث جاء في “المعرفة والتأريخ” للبسوي، أن رياح بن عبيدة قال رأيت رجلا يُماشي عمر بن عبد العزيز معتمدا على يده، فلما صلى قلت يا أبا حفص من الرجل الذي كان معك معتمدا عليك آنفا؟ قال أوقد رأيته يا رياح؟ قلت نعم، قال إني لأراك رجلا صالحا ذاك أخي الخضر، بشّرني أني سأولي أمر هذه الأمة وأعدل، وهنا نلاحظ أن عمر بن عبد العزيز فسّر قدرة ابن عبيدة على رؤية الخضر.
بأنها دليل على تقواه وصلاحه، ونلاحظ أن الرواية لم توضح أن عمر كان مضطربا أو مستغربا، وكأنه اعتاد لقاء الرجل، وهو ما توضحه قصص أخرى، منها ما ذكره أبو بكر الدينوري في “المجالسة وجواهر العلم” من أن عمر بن عبد العزيز قال رأيت الخضر، وهو يمشي مشيا سريعا وهو يقول صبرا يا نفس صبرا لأيام تفقد لتلك الأيام الأبد، وصبرا لأيام قصار لتلك الأيام الطوال، وكما روي أن الخليفة الأموي سليمان بن عبد الملك أراد قتل رجل معارض لحكمه، فهرب الرجل، وبينما هو في صحراء إذا برجل يصلي، فخاف منه، ولكنه طمأن نفسه بأن ليس معه مال أو شيء يخاف أن يُسرق منه، فاتجه نحوه، فركع الرجل وسجد ثم التفت إليه وقال لعل هذا الطاغي وبقصد سليمان بن عبد الملك أخافك؟ فرد، أجل، فأخبره بأدعية يقولها للنجاة من بطشه.
ثم اختفى المُصلى، بعدها اطمئن الهارب وقرر العودة، فذهب إلى قصر سليمان، ودخل عليه فاستقبله سليمان بحفاوة وأجلسه إلى جواره وقال له سحرتني، أو ساحر أنت مع ما بلغني منك؟ فنفى الرجل علاقته بالسحر، فازداد استغراب سليمان من كراهيته للرجل التي زالت عنه بلا مبرر، وأصر أن يفهم ماذا حدث ليتغير ذلك، فأخبره الرجل بما جرى له، فقال سليمان “إنه الخضر” ونسب للخليفة العباسي أبو جعفر المنصور، أنه سمع رجلا يقول في طوافه حول الكعبة “أشكو إليك ظهور البغي والفساد” فدعا المنصور الرجل، وسمع منه وعظا قاسيا، ثم انصرف الرجل، فأرسل المنصور رجاله وراءه ليحضروه، فوجدوا الرجل قد اختفى، فقال المنصور “ذاك الخضر” حسبما ذكر ابن حجر العسقلاني، وقد اعتبر الإمام السيوطي الخضر عليه السلام.
خالدا في الأرض، كما الأنبياء إلياس وعيسى وإدريس، إلا أن إدريس والمسيح رفعا إلى السماء، أما الخضر وإلياس فيعشان في الأرض، ونسب للحسن البصري، قوله وكل إلياس بالفيافي، ووكل الخضر بالبحور، وقد أعطيا الخلد في الدنيا إلى الصيحة الأولى، وإنهما يجتمعان في موسم كل عام وينقل ابن حجر عن الفقيه والمحدث يحيي ابن شرف النووي، أن أغلب العلماء يعتقدون أن الخضر حي، وذلك متفق عليه عند أهل الصلاح والمعرفة، وحكايتهم في رؤيته والاجتماع به والأخذ منه وسؤاله وجوابه ووجوده المواضع الشريفة ومواطن الخير أكثر من أن تحصى وأشهر من أن تذكر، وقد ذكر أبو بكر الرازي أنه سمع بلال الخواص يقول كنت في تيه بني إسرائيل فإذا رجل يماشيني، فتعجبت، ثم ألهمت أنه الخضر، فقلت بحق الحق من أنت؟