الدكرورى يكتب عن حياة الخضر عليه السلام ” جزء 4″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
حياة الخضر عليه السلام ” جزء 4″
ونكمل الجزء الرابع مع حياة الخضر عليه السلام، وقد ذكر أبو بكر الرازي أنه سمع بلال الخواص يقول كنت في تيه بني إسرائيل فإذا رجل يماشيني، فتعجبت، ثم ألهمت أنه الخضر، فقلت بحق الحق من أنت؟ قال أنا أخوك الخضر، فقلت ما تقول في الشافعي؟ قال من الأوتاد، قلت فأحمد بن حنبل؟ قال صدّيق، قلت فبشر بن الحارث؟ قال لم يخلف بعده مثله، قلت بأي وسيلة رأيتك؟ قال بِبِرّك لأمك، ونسب إلى بشر الحافي، قوله كانت لي حجرة وكنت أغلقها إذا خرجت معي المفتاح، فجئت ذات يوم وفتحت الباب ودخلت فإذا شخص قائم يصلي، فراعني، فقال يا بشر لا ترع، أنا أخوك أبو العباس الخضر، ثم أخذ يعلمه ويعظه، وحول خلود الخضر، فإنه تتداول المصادر روايتين رئيسيتين يكذبها كثيرون من الأئمه كإبن تيمية.
وأصحاب الفكر السلفي، إحداهما أنه كان من قادة ورجال ذي القرنين، تلك الشخصية التقية التي ملكت الأرض، بحسب الرواية القرآنية، حيث أراد ذو القرنين أن يخلد ولا يموت، فأخبرته الملائكة أن هناك عين ماء من شرب منها لا يموت، فانطلق ذو القرنين بجيشه يبحث عن العين لسنوات، ولكن الخضر سبق بقواته إلى العين وشرب منها، ولكن ذا القرنين كان متخلفا عن الركب ولم يلحظ عين الماء ولم يشرب منها، فخلد الخضر، حسبما ذكر ابن كثير، أما الرواية الثانية فمفادها أن جسد آدم أبي البشر كان مخفيا في مغارة لم يدفن، ودعا لمن يعثر على جسده ويدفنه بأن يطول عمره إلى يوم القيامة، فلما وقع طوفان نوح عليه السلام عثر الخضر على الجسد ودفنه، بعدما علم من نوح عليه السلام بأمر دعوة آدم لمن يدفنه.
ولكن الصحيح أن الخضر عليه السلام أنه مات من دهر طويل قبل مبعث النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وليس لوجوده حقيقة، بل هذا كله باطل وليس له وجود، وهذا هو الصحيح الذي عليه المحققون من أهل العلم، فالخضر عليه السلام مات قبل مبعث النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بل قبل مبعث نبى الله عيسى عليه السلام، والصحيح أن الخضر عليه السلام نبي كما دل عليه ظاهر القرآن الكريم، وقد قال النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، في الحديث الصحيح أنا أولى الناس بابن مريم، والأنبياء أولاد علات، وليس بيني وبينه نبي فدل على أن الخضر قد مات قبل ذلك، ولو فرضنا أنه ليس نبيا وأنه رجل صالح لكان اتصل بالنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ولو فرضنا أنه لم يتصل لكان مات على رأس مائة سنة
كما قال النبى صلى الله عليه وسلم، في آخر حياته أرأيتكم ليلتكم هذه فإن على رأس مائة سنة منها لا يبقى ممن هو على ظهر الأرض أحد فدل ذلك على أن من كان موجودا في ذلك الوقت لا يبقى بعد مائة سنة بنص النبي صلى الله عليه وسلم، أنهم يموتون قبل انخرام المائة، فالحاصل أن الخضر عليه السلام قد مات وليس بموجود، والذي يزعم أنه رآه إما أنه كاذب، وإما أن الذي قال إنه الخضر قد كذب عليه وليس بالخضر، وإنما هو شيطان من شياطين الإنس أو الجن، وقد اختلف في نبوته، وممن يقول أنه نبي، ذكر ابن حجر قوله لنبى الله موسى عليه السلام في القرآن الكريم كما جاء فى سورة الكهف ” وما فعلته عن أمرى” أي أنه يوحى إليه، وحكى ابن عطية البغوي عن أكثر أهل العلم أنه نبي ثم اختلفوا هل هو رسول أم لا.
ويقول ابن عباس رضى الله عنهما ووهب بن منبه انه نبي غير مرسل، وعن إسماعيل بن أبي زياد ومحمد بن إسحق أنه كان رسولا واستجاب له قومه، ونصر ذلك ابن الجوزي، وقيل انه ولي من الأولياء وقيل أنه ملك من الملائكة وقيل أيضا أنه عبدا صالح، وقال أبو الخطاب بن دحية لا ندري هل هو ملك أو نبي أو عبد صالح، ويعتبر الخضر مقدسا لدى العديد من الديانات مثل المسيحية، والدرزية، واليهودية، وفي العديد من التقاليد الإسلامية وغير الإسلامية، يُوصف خضر بأنه رسول، ونبي، وولي، وعبد، وملاك، وحارس البحر، ومُعلم المعرفة السرية، ويساعد أولئك الذين هم في محنة، وقد قيل أنه تمت التوفيق بين شخصية الخضر مع مرور الوقت مع شخصيات أخرى مختلفة بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر سروش في إيران.