حياة الخضر عليه السلام ” جزء 5″

الدكرورى يكتب عن حياة الخضر عليه السلام ” جزء 5″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

حياة الخضر عليه السلام ” جزء 5″

ونكمل الجزء الخامس مع حياة الخضر عليه السلام، وقد قيل أنه تمت التوفيق بين شخصية الخضر مع مرور الوقت مع شخصيات أخرى مختلفة بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر سروش في إيران، والقديس سركيس المحارب، والقديس جرجس في آسيا الصغرى وبلاد الشام، ويوحنا المعمدان في أرمينيا، وكثيرا ما يرتبط الخضر بشخصية إيليا، وهكذا فإن من الشخصيات المهمة التى ربما يتوقف أمامها مؤرخو التاريخ الإنسانى والدينى، شخصية الخضر عليه السلام لما يرتبط من ذكره من حكايات وأساطير، لم يعلم مدى دقتها، سوى المذكور في النصوص الدينية المقدسة، وهو شخصية خلدته الأديان والحضارات معا، لكن حتى الآن لم نعرف من هو، وإنه يسمى الخضر، ولم يكن ذكره في التاريخ بقدر النماء الذى يدل عليه اسمه.

وصفاته ومواقفه مع النبى موسى عليه السلام، كما وصفها القرآن الكريم وبعض الأحاديث النبوية، غير ذلك تبدو الأقاويل عن الخضر، وكينونته، وحقيقة كونه نبى أم ولى من أولياء الله، كلها تكهنات لا يوجد دليل واضح عليها، وبحسب ما ذكره ابن كثير في “البداية والنهاية” أما الخضر فقد تقدم أن موسى عليه السلام رحل إليه في طلب ما عنده من العلم اللدني، وقص الله من خبرهما في كتابه العزيز في سورة الكهف، المصرح بذكر الخضر عليه السلام، وأن الذي رحل إليه هو موسى بن عمران نبي بني إسرائيل عليه السلام الذي أنزلت عليه التوراة، وقد اختلف في الخضر في اسمه ونسبه ونبوته وحياته إلى الآن على أقوال، فقال الحافظ ابن عساكر، يقال إنه الخضر بن آدم عليه السلام لصلبه، ثم روى من طريق الدارقطني.

قال حدثنا محمد بن الفتح القلانسي، حدثنا العباس بن عبد الله الرومي، حدثنا رواد بن الجراح، حدثنا مقاتل بن سليمان، عن الضحاك، عن ابن عباس قال أن الخضر بن آدم لصلبه، ونسيء له في أجله حتى يكذب الدجال، وهذا منقطع وغريب، وقال أبو حاتم سهل بن محمد بن عثمان السجستاني، سمعت مشيختنا منهم أبو عبيدة وغيره قالوا إن أطول بني آدم عمرا الخضر، واسمه خضرون بن قابيل بن آدم، وقال وذكر ابن إسحاق أن آدم عليه السلام لما حضرته الوفاة، أخبر بنيه أن الطوفان سيقع بالناس، وأوصاهم إذا كان ذلك أن يحملوا جسده معهم في السفينة، وأن يدفنوه معهم في مكان عينه لهم، ووفقا للباحث وليد فكرى في كتابه “أساطير مقدسة” وحاول البعض معرفة أصله، فقيل هو ممن آمنوا بالنبى إبراهيم عليه السلام وخرجوا معه من بلاده.

وقيل إنه حفيد آدم مباشرة من ابنه قابيل، وإن آدم حين حضره الموت كان قد أخبر أبناءه بالطوفان، وأوصاهم أن يحملوا جثمانه فى السفينة، حتى إذا ما استقرت وابتلعت ماءها دفنوه فى موضع عينه لهم، فلما وقع الطوفان حملوا جسده، ثم عندما جفت الأرض تقاعسوا عن دفنه فدفنه حفيده الخضر، وكان آدم قد دعا بطول العمر لمن يدفنه، فنال الخضر الدعاء، فهو يعمر حتى يشهد خروج المسيخ الدجال ويكذبه، وفى كتاب “عرائس المجالس للثعالبى” فإن الخضر ابن ملك عادل لكن أباه وقومه لم يكونوا يعبدون الله، وكان اسمه قبل حمل لقب الخضر، هو بليا بن ملكا بن فالغ بن عابر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح، وكان آنذاك فتى وحيد أبيه، فأراد الأب أن يزوج ابنه لينجب ولدا ويستمر الملك فى عقبه، ولكن الابن كان عازفا عن الزواج.

زاهدا فى الحكم راغبا فى أن يتفرغ لعبادة الله، وألح الأب فى تزويج ابنه، وبالفعل زوجه ابنة أحد الملوك، فلما اختلى بها الابن قال لها “إنى رجل مسلم لست على دين أبى، وإنى عارض عليك أمرا فاكتمى سرى لتنالى النجاة فى الدنيا والآخرة، ولا تفشيه فتهلكى فى الدنيا والآخرة، إما أن تتركينى أتفرغ للعبادة وتتابعينى على دينى، وإما أن أرسلك إلى أهلك” فاختارت متابعته على دينه وتركه يتفرغ لعبادة ربه وكتمت سره، وبحسب كتاب “القصص القرآنى ومتوازياته التوراتية للمفكر السورى فراس السواح، أنه أثناء عصر الحروب الصليبية والتبادل الثقافى الذى حصل بين الثقافتين العربية والأوربية، ظهر إلى الوجود شخصية جديدة تجمع بين الخضر ومار إلياس إلى نموذج فرنسى هو القديس مار جرجس، كما يدعى فى بلاد الشام.