الدكرورى يكتب عن حياة الخضر عليه السلام ” جزء 22″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
حياة الخضر عليه السلام ” جزء 22″
ونكمل الجزء الثانى والعشرون مع حياة الخضر عليه السلام، ويرجع الفضل في هذا الاستنباط وهذا الكلام لله وحده، هو الذي وهب العقل، فأي شيء تستنبطه بعقلك أساسا ما أتيت به من عندك، يعني صاحب الفضل هو الله سبحانه وتعالى، فهو الذي أعطاك هذا العقل، كذلك لابد أن نعرف أن العلم أحيانا يكون بطريقة شديدة على النفس، ويكون على حساب مشاعر الإنسان وأحاسيسه، ويعني ذلك أنه أحيانا الواحد إذا تعلم قضية قد يقف في شيء من الذلة، يعني موقف من الذل، لذلك أحيانا، واحد يخطئ ويقع في مزلة، فيأتي إنسان ويصحح له هذا الكلام قد يكون التصحيح برد على الملأ، يقول له هذا خطأ الذي ذكرت خطأ، وخصوصا إذا كان التصحيح لمصلحة شرعية، مثل أن الخطأ هذا أمام الناس، ولابد من إنكاره، الآن إذا تفرق الناس من يصلح لهم الخطأ.
الإنكار هكذا أمام الناس على الملأ، قد يجعل الشخص الآخر المتكلم يجد في نفسه غضاضة، كيف يجرح شعوري أمام الناس؟ وكيف يخطئني أمام الناس؟ أو يرد عليه مثلا بكتاب، أو بمقال يرد على خطئه بمقال، وينتشر هذا المقال بين الناس، وهذا الكتاب بين الناس، الآن القضية شديدة على النفس، التصحيح صار على الملأ أمام الناس، التسفيه أمام الناس، ما هو الموقف الصحيح؟ فهل الموقف الصحيح أن يصدر هذا الإنسان ردا على ذلك الرد؟ ويدافع فيه عن نفسه بالباطل؟ وغرضه من هذا الرد إعادة الاعتبار إلى نفسه، وحتى يعني يظهر ويلمع صورته أمام الناس؟ هل هذا هو المطلوب؟ كلا فإن الاعتراف بالحق فضيلة، لا بأس أن يقول في مقال آخر، والفضل لله تعالى ثم لفلان الذي نبهني إلى هذا الخطأ، والذي بصرني فيه، والذي وضح لي القضية.
فبعض العلماء تجد هذا في كتبهم يقول وقد كنت برهة من الزمن أظن أن القضية كذا وكذا، وأن شرح الحديث الفلاني كذا وكذا حتى نبهني بعض صغار طلبة العلم إلى الموضوع، يبين، هذا تواضع، أما أن يحملنا تخطئة الآخرين الصحيحة تبيان الصحيح، يحملنا على أن نسفه آراءهم، ونجحد فضلهم، ونقول نحن اكتشفنا هذا بأنفسنا، وأنا اكتشفت القضية من نفسي، وهو ما اكتشفها من نفسه، فهذا من المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور، فلابد أن يكون اتباع الشيخ، والعالم على حسب الشرع، فالقاعدة الإسلامية لا تكون الطاعة إلا بالمعروف، وإن بغير المعروف ليس هناك طاعة، والذين يلزمون متبوعيهم بأن يطيعوهم، ويقولون لهم إذا أخطأنا الإثم علينا نحن أنتم مالكم شغل، أنتم فقط اتبعونا، هذا كلام خطير، الله تعالى في عدة مواضع.
في القرآن الكريم ينعي على الكفار والمشركين أنهم ما عندهم أدلة على كفرهم وعلى مبادئهم فقال تعالى كما جاء فى سورة الأحقاف “ائتونى بكتاب من قبل هذا أو أثارة من علم إن كنتم صادقين” أى هاتوا دليل؟ أتبعك على ماذا؟ لابد أن يكون هناك بصيرة، توضح لي الموقف فأتبعك، أما أنك تجرني خلفك بسلسلة، وتقول أينما ذهبت تذهب ورائي، هذا غير صحيح، هذا مبدأ غير إسلامي، وغير شرعي، ويوضح لنا الله عز وجل فيقول كما جاء فى سورة الأحزاب ” وقالوا ربنا إنا ” يعني المتبوعين يوم القيامة يتبرؤون ممن تبعوهم، والعكس ” أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا ” كذلك لابد أن نفهم على العكس من ذلك الوجهة الأخرى من الموضوع أنه لا يعني هذا الكلام أنك إذا وثقت بإنسان تتعلم منه، وتتلقى منه، ويربيك بالعلم.
ولا يعني أنك لا تثق فيه، ولا تسير وراءه، ولا تتبعه، كلا أنت تتبع من هو أعلم منك، لكن عندما يخالف الشرع لا يجوز لك أن تتبعه مطلقا، تقول له قف، وتقول لنفسك قفي، لا تتبع إذا رأيت قضية مخالفة للشرع لا يجوز لك مطلقا الاتباع، وكذلك محل الثقة بالشيخ إذا لم يخالف الشرع، فإذا خالف الشيخ الشرع فلا يوثق به، ولا يستجاب له، ومن الفوائد في قصة الخضر عليه السلام أيضا مراعاة العدد ثلاثة في الشرع، العدد ثلاثة ما أقصد مجرد العدد ثلاثة لا أقصد عدد المرات مراعاة العدد الثلاث مرات في الإعذار إلى الناس، وفي انتهاء الأمر، أمثلة من الشرع مثلا انظر إلى الطلاق يعني الطلاق الحد الأخير الذي يجب فيه الانفصال ولا رجوع بعده إلا بزوج آخر هو بعد ثلاث مرات، لماذا؟ لأن الأولى والثانية في أمل، لكن إذا وقعت الثالثة طلاق انتهى الموضوع.