نبي الله داود عليه السلام ” جزء 12″

الدكرورى يكتب عن نبي الله داود عليه السلام ” جزء 12″

بقلم / محمـــد الدكـــــرورى

نبي الله داود عليه السلام ” جزء 12″

ونكمل الجزء الثاني عشر مع نبي الله داود عليه السلام، فجعل معاوية رجلا على حوائج المسلمين, فنبى الله داود عليه السلام لو كان بينه وبين الناس حواجز وفواصل لما وصل إليه الخصمان وحصل ما حصل، ومن الدروس القضائية هو جواز قول المستقضي للقاضي، احكم بيننا بالحق، أو اقضِ بيننا بكتاب الله، أو لا تجُر في حكمك، ولا يعدّ ذلك تهمة للقاضي، فقد جاء في الصحيحين عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني رضي الله عنهما، أنهما قالا إن رجلا من الأعراب أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال يا رسول الله أنشدك الله إلا قضيت لي بكتاب الله، فقال الخصم الآخر وهو أفقه منه نعم، فاقض بيننا بكتاب الله وائذن لي” وفي قصة نبى الله داود عليه السلام، قال تعالى كما جاء فى سورة ص ” فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط واهدنا سواء الصراط ”

ومن الدروس القضائية هو أن على القاضي الانتباه إلى أن فصاحة اللسان والغلبة في الكلام وإيراد الحجج لا تجعل صاحبها صاحب الحق لديه، فكم من حق عيّ اللسان عن إظهاره، وكم من باطل أظهره حسن الكلام وفصاحته، ومن الدروس القضائية هو إرجاع الرعية ما اختلفوا فيه من الحقوق إلى القضاء حتى تفصل القضايا ولا تتطور إلى سوء أكبر، ولكي يعود الحق إلى صاحبه، ويعم الأمن والاتفاق بين الناس، وقد كانت قصة موته كما جاء عند الإمام أحمد في مسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “كان داود النبي فيه غيرة شديدة، وكان إذا خرج أغلقت الأبواب فلم يدخل على أهله أحد، حتى يرجع، قال فخرج ذات يوم وغلقت الدار، فأقبلت امرأته تطلع إلى الدار فإذا رجل قائم وسط الدار فقالت لمن في البيت.

من أين دخل هذا الرجل الدار والدار مغلقة؟ والله لتفتضحن بداود، فجاء داود فإذا الرجل قائم وسط الدار فقال له داود من أنت؟ قال أنا الذي لا أهاب الملوك، ولا يمتنع مني شيء، فقال داود أنت والله، ملك الموت، فمرحبا بأمر الله فقبضت روحه في مكانه” رواه أحمد، وقال ابن كثير، وإسناده جيد قوي، ولقد كان في حياة هذا النبي الكريم محطات مهمة متنوعة تستدعي الوقوف عندها لأخذ العظة والعبرة، فإن دراسة حياة الأخيار دراسة تدبرية عميقة يعطي الدراس والسامع والقارئ أنوارا تضيء طريق العبد إلى ربه تعالى، وحياة العظماء بهداياتها وإضاءاتها بعد موتهم أمد منها قبل وفاتهم، وفي حياة نبي الله داود عليه السلام دروس وعبر منيرة، في جوانب كثيرة من الحياة، ولقد كان بداية ظهور نبى الله داود عليه السلام عندما قاتل مع جيش طالوت.

وقتل جالوت الكافر الطاغي والقصة كما جاء في سورة البقرة في قوله تعالى ” الم ترء الى الملأ من بنى اسرائيل من بعد موسى” ولقد قتل داود جالوت وانهزم جيش جالوت فتطلعت الأعين إلى داود عليه السلام وهفت إليك الأفئدة وعظم في اعين بني اسرائيل فولوه عليهم ملكا، ولكن ما الذي نستفيده من قصة نبى الله داود عليه السلام؟ وهو أنه أولا نجد فى العمل من كسب أيدينا فنبى الله داود كان يأكل من عمل يده، وثانيا هو أن نكثر من الشكر لله رب العالمين على كل نعمه التي تغمرنا عملا بقوله تعالى “اعملوا آل داود وشكرا” وأيضا “لئن شكرتم لأزيدنكم” وثالثا أنه أحب الأعمال الى الله أدومها وإن قل، وهذا نبى الله دواد عليه السلام كان يصوم يوما ويفطر يوما وكان يقوم نصف الليل وينام ثلثه ويقوم سدسه فياليتنا نحافظ على قيام الليل لأنه شرف المؤمن.

ولقد ضرب أنبياء الله ورسله الكرام عليهم السلام أروع النماذج والأمثلة في دعوتهم وحياتهم، فإلى جانب ما بذلوه من الجهد والإخلاص في الدعوة إلى دين الله تعالى وتبليغ شرائعه للناس، فقد بذلوا كذلك الجهد في تحصيل قوت يومهم وسعوا للكسب سعي عامة الناس في ذلك، بل بيّن القرآن الكريم براعة كثير منهم في صنعتهم ومهنهم ومنهم نبي الله داود عليه السلام، ولقد كان داود عليه السلام نبيا من أنبياء بني إسرائيل، وقد اشتهر عليه السلام في قومه بالشجاعة الفائقة، والقوة البدنية، ففي إحدى المواجهات بين بني إسرائيل وأعدائهم تمكن نبي الله داود عليه السلام وهو جندي من جنود طالوت من قتل ملك الكفار جالوت، حيث أصبح ملكا لبني إسرائيل بعد ذلك.