الدكرورى يكتب عن زيد بن ثابت الأنصاري ” جزء 3″
بقلم/ محمـــد الدكـــرورى
زيد بن ثابت الأنصاري ” جزء 3″
ونكمل الجزء الثالث مع زيد بن ثابت الأنصاري، فقال ها هنا يا أمير المؤمنين، فقال جرت يا زيد في أول قضائك، ولكن أجلسني مع خصمي، فجلسا بين يديه، فادعى أبي، وأنكر عمر، فقال، زيد لأبي، أعف أمير المؤمنين من اليمين، وما كنت لأسألها لأحد غيره، قال فحلف عمر” وهكذا فإذا حملت المصحف بيمينك واستقبلته بوجهك ومضيت تتأمل في رونقه سورة سورة وآية آية، فأعلم أنك مدين بالشكر للصحابي الجليل زيد بن ثابت، فهو الذي اقترن اسمه بجمع القرآن الكريم وترتيبه وحفظه، وكان رغم صغر عمره كانت عيناه تشعان بالذكاء، وقد أثبت نفسه في وقت قصير واستعرض علمه وحكمته ليقع عليه الاختيار أن يصبح مترجما للرسول صلى الله عليه وسلم، وقد ولد يتيما، واتسم بالبلاغة والحكمة.
وقد تمتع بالقوة والشجاعة والفطنة، ودخل الإسلام وهو يبلغ فى الحادية عشر من عمره فقط، ومنذ نعومة أظافره وهو يحلم بالجهاد فكان يستعرض عضلاته أمام الرسول صلى الله عليه وسلم، حتى يصطحبه معه في الغزوات، فكان ذو عقل يقظ وسرعة بديهة، وقد ساعدته فطنته على تعلم اللغات في وقت وجيز لينفذ أوامر الرسول صلى الله عليه وسلم، فلم تكن المهام المنسوبة إلية سهلة بل كانت تحتاج إلى الدقة والتركيز لتجنب الأخطاء، وكان الصحابي الجليل زيد بن ثابت بن الضحاك بن زيد النجاري، أنصاريا من المدينة، ودخل الإسلام مع أهله وباركه الرسول صلى الله عليه وسلم، بالدعاء، وقد أراد زيد الخروج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، يوم غزوة بدر، فرده صلى الله عليه وسلم، لصغر سنه وحجمه.
وفي غزوة أحُد ذهب مع ستة فرسان الصغار ليستعرض عضلاته أمام الرسول صلى الله عليه وسلم، طالبا منه أن يصطحبه معه، بالرجاء تارة وبالدمع تارة ولكن نظرا لبنيانه الضعيف وعده رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن يكن له مكانا في الغزوة المقبلة، وبدأ زيد بن ثابت دوره كمقاتل في سبيل الله، ففي السنة الخامسة من الهجرة أثناء غزوة الخندق، كانت شخصيته المؤمنة تنمو نموا سريعا باهرا، فلم يكتف بالبراعة في القتال والجهاد بل كان مثقفا متابعا للقرآن الكريم ويحفظه ويكتب الوحي للرسول صلى الله عليه وسلم، ويتفوق في العلم والحكمة، وكان حين بدأ الرسول صلى الله عليه وسلم، بإبلاغ دعوته للعالم الخارجي وإرسال كتبه لملوك الأرض، كان صلى الله عليه وسلم.
يأمر زيد بن ثابت أن يتعلم بعض اللغات وبالفعل كان يتقنها في وقت وجيز، فقد تعلم لغة اليهود في أربعة عشر يوما وتعلم اللغة السريانية في سبعة عشر يوما، وارتسمت على ملامحه الفطنة والذكاء وتبوء مكانة عالية في المجتمع، ولقد كان للصحابى الجليل زيد بن ثابت رضي الله عنه دور شديد الأهمية في جمع القرآن الكريم، فبعد استشهاد عدد من القراء في معركة اليمامة، فقد نشأت الحاجة لجمع القرآن وتدوينه حتى لا يُفقد، وبعد موافقة الخليفه الراشد أبي بكر الصديق رضي الله عنه، على فكرة جمع القرآن الكريم التي طرحها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقد دعا الصحابى الجليل زيد بن ثابت، وطرح عليه الفكرة، وقال له إنك شاب عاقل لا نتهمك.
قد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فتتبع القرآن، فاجمعه، واستعين بذوي الخبرة، وقد ذهب الصحابى الجليل زيد بن ثابت، للعمل الذي توقف عليه مصير الإسلام كله، وأبلى بلاء عظيما في إنجاز أشق المهام وأعظمها، فظل يجمع القرآن الكريم وآياته من صدور الحفاظ وفي مواطنها المكتوبة ويقابل ويعارض ويتحرى حتى جمع القرآن الكريم مرتبا ومنسقا، وكان رضى الله عنه لمنزلته ومكانته الكبيرة بين الصحابة، كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان رضي الله عنهما يستخلفانه على المدينة عندما يغيبان عنها، وقد توفي الصحابى الجليل زيد بن ثابت رضي الله عنه سنة خمسة وأربعون من الهجرة النبوية الشريفة، فحزن الصحابة رضي الله عنهم والمسلمون لفقده.