الدكرورى يكتب عن حياة الخضر عليه السلام ” جزء 21″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
حياة الخضر عليه السلام ” جزء 21″
ونكمل الجزء واحد وعشرون مع حياة الخضر عليه السلام،لأنهم يقولون مقام النبوة في برزخ فويق الرسول ودون الولي، ويزعمون أن النبوة فوق الرسول وتحت الولي، يعني الولي مقامه أعلى من النبي والرسول من ظلالهم، حتى يفتحوا الباب لتغيير شريعة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن الأولياء يحق لهم التشريع، ويحق لهم الخروج عن شريعة رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحق لهم ترك العبادة إلى آخر ذلك، وكتبهم طافحة بذكر الأخبار المزعومة المنقولة عن الخضر، ونعود الآن للدروس والفوائد والعبر التي نستنبطها من قصة الخضر عليه السلام مع نبى الله موسى عليه السلام وهو موقف طالب العلم من العالم، فإنه لابد أن يكون موقف طالب العلم من العالم موقف أدب في الطلب، ولا بد أن يطلب العلم منه بأدب، وأن يكون مؤدبا.
انظروا إلى موسى عليه السلام كيف خاطب الخضر، فكان ذات أسلوب استفهام، مؤدب جدا هو يخيره، يقول يعني إذا كنت مشغول أو لا تريد أو لم تشأ فأنا لا ألزمك بهذا، وأنا تابع لك لا أخرج عنك هل أتبعك اتباع، وقال له كذلك سأكون عند حسن ظنك، كذلك يجب أن يكون موقف طلبة العلم من العلماء حسن الأدب، لا يرفع صوته فوق صوت العالم، ولا يحتج مع العالم، ولا يجهل العالم، ويسفه رأي العالم العلماء ورثة الأنبياء، وكذلك التواضع في طلب العلم الشرعي، فلابد أن يكون هناك تواضع في طلب العلم الشرعي، ولابد أن يكون حرص على الاستفادة من الآخرين حتى لو كنت أعلم من هذا الآخر بشيء، فقد يكون الآخر أعلم منك بشيء آخر، فإذا ليس من الصحيح أن تقول والله أنا أعلم من فلان، لماذا أذهب أتلقى عنه العلم؟ كيف أسأله؟
لا قد تخفى أحيانا مسائل على عالم وتظهر لطالب علم، وكم من صغار الطلبة في حلقات المشايخ والعلماء يفيدون الشيخ بأشياء لم يكن يعرفها من قبل، وهذا معروف فيجب التواضع في طلب العلم من الناس، حتى لو كانوا أصغر شأنا أو أقل علما، ونبى الله موسى عليه السلام هو أفضل من الخضر، ونبى الله موسى من أولي العزم من الرسل، وإن الخضر ليس من أولي العزم، فموسى أفضل من الخضر، لكن هل دفع موسى هذه المنزلة التي أعطاه الله إياها على التكبر على الخضر، ويقول كيف أتبع هذا لا يمكن أن أتبعه، لا بل حرص على أن يتبعه، وسأل الله عز وجل كيف أستدل عليه، وكيف أذهب إليه؟ وأن الإنسان مهما أوتي من علم فهو جاهل، ويعني جاهل بالنسبة إلى علم الله، مهما أوتي من علم فعلمه قليل، ولذلك يقول الخضر لنبى الله موسى.
” وكيف تصبر على مالم تحط به خبرا” فعندما يسئل الإنسان عن شيء لا يعلمه ماذا يقول؟ الله أعلم، أو يقول لا أدرى، كذلك عدم الموقف السلبي من الشيء إلا بعد تعلمه، والوقوف على حقيقته، وهذا يعني الناس أعداء ما جهلوا، العادة أن الواحد إذا جهل الشيء يصبح عدوا له، ولذلك لا يحسن بالإنسان لا يجوز له أن ينكر قضية حتى يعرف يقف على حكمها، لأن بعض الناس أول ما يسمع الحكم قد يكون حكم غريب عليه أول مرة يسمعه، يبادر فورا إلى إنكاره، هذا لا يجوز، هذا غير صحيح، فإذا وقفت على المسألة عرفت الأدلة وسألت عنها أهل العلم وإلا تنكر مباشرة هكذا من عندك، ولذلك أحيانا يقف الناس من الداعية موقف العداء، قد لا يكو موقف العداء لمجرد العداء والشر في النفس، ولكن يقفون منها موقف العداء لجهلهم بها.
لذلك يجب على الداعية أن يوضح دعوته للناس حتى لا يسبب العداوة منهم لدعوته، ويعني هذا أن بعض الناس يعادون ليس من أجل العداوة أو فيهم شر، وإنما يعادون لأنهم يجهلون حقيقة ما تدعوه إليه، لذلك لا بد من توضيح دعوتك، وكثير من الناس سبب صدودهم ومعاداتهم الجهل، ولذلك انظروا إلى الخضر عليه السلام لما كان هو ونبى الله موسى في السفينة، وجاء طائر فنقر في البحر، ماذا قال الخضر؟ قال يا موسى ما علمي وعلمك في علم الله إلا كما نقر العصفور في هذا البحر، هذا الكلام لا يصدر إلا عن رجل متواضع، وكذلك من التواضع في طلب العلم نسبة العلم إلى الله تعالى حتى لو استنبط إنسان استنباطا جيدا، وهذا القول ما سبقني إليه أحد من الناس، وأنا أول من كشفته، وأول من أصدرته، ولم أرى هذا الكلام لأحد في كتاب من قبل.