أمك ثم أمك ثم أمك ” جزء 1″

الدكرورى يكتب عن أمك ثم أمك ثم أمك ” جزء 1″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى

أمك ثم أمك ثم أمك ” جزء 1″

لقد اعتني الإسلام بالأم عناية خاصة، وأوصى بالاهتمام بها، حيث أنها تتحمل الكثير لكي يحيا ويسعد أبناءها ولقد أمر الله سبحانه وتعالى ببرها وحرم عقوقها، وعلق رضاه برضاها، كما أمر الله عز وجل بحسن صحبتها ومعاملتها بالحسنى ردا للجميل، وعرفانا بالفضل لصاحبه، وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على الوصية بالأم، لأن الأم أكثر شفقة وأكثر عطفا لأنها هي التي تحملت آلام الحمل والوضع والرعاية والتربية، فهي أولى من غيرها بحسن المصاحبة، ورد الجميل، وبعد الأم يأتي دور الأب لأنه هو المسئول عن النفقة والرعاية فيجب أن يرد له الجميل عند الكبر، فالأم هي مصدر الحنان والرعاية والعطاء بلا حدود، وهي المرشد إلى طريق الإيمان والهدوء النفسي، وهي المصدر الذي يحتوينا ليزرع فينا بذور الأمن والطمأنينة.

وهي إشراقة النور في حياتنا، ونبع الحنان المتدفق، بل هي الحنان ذاته يتجسد في صورة إنسان، وهي المعرفة التي تعرفنا أن السعادة الحقيقية في حب الله، وهي صمام الأمان، والإسلام قدم لنا الأم بالبر على الأب لسببين وهو أن الأم تعاني بحمل الابن سواء كان ذكرا أم أنثى وولادته وإرضاعه والقيام على أمره وتربيته أكثر مما يعانيه الأب، وجاء ذلك صريحا في قوله تبارك وتعالى في سورة لقمان ” ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير” وأن الأم بما فطرت عليه من عاطفة وحب وحنان أكثر رحمة وعناية واهتماما من الأب، فالابن قد يتساهل في حق أمه عليه، لما يرى من ظواهر عطفها ورحمتها وحنانها ولهذا أوصت الشريعة الإسلامية الابن بأن يكون أكثر برا بها وطاعة لها.

حتى لايتساهل في حقها، ولا يتغاضى عن برها واحترامها وإكرامها، ومما يؤكد حنان الأم وشفقتها أن الابن مهما كان عاقا لها، مستهزئا بها معرضا عنها، فإنها تنسى كل شيء حين يصاب بمصيبة أو تحل عليه كارثة فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ فقال أمك، قال ثم من؟ قال أمك، قال ثم من؟ قال أمك، قال ثم من؟ قال أبوك، والصحبة والمصاحبة هي الرفقة والعشرة، وأولى الناس بحسن المصاحبة وجميل الرعاية ووافر العطف والرفقة الحسنة هي الأم التي حملت وليدها وهنا على وهن وإن هذا الحديث يدل على أن محبة الأم والشفقة عليها ينبغي أن تكون ثلاثة أمثال محبة الأب، وذلك أن صعوبة الحمل، وصعوبة الوضع، وصعوبة الرضاع والتربية.

تنفرد بها الأم دون الأب، فهذه ثلاث مشقات يخلو منها الأب، ولا يستطيع إنسان أن يحصي أو يقدر حق الآباء والأمهات على الأبناء، ولو يستطيع الأبناء أن يحصوا ما لاقاه الآباء والأمهات في سبيلهم، لاستطاعوا إحصاء ما يستحقونه من البر والتكريم ولكنه أمر فوق الوصف خاصة ما تحملته الأم من حمل وولادة، وإرضاع وسهر بالليل، وجهد متواصل بالنهار، في سبيل الرعاية المطلوبة، وعن أنس بن نضر الأشجعى قال، استقت أم ابن مسعود رضي الله عنها ماء في بعض الليالى، فجاءها بالماء فوجدها قد ذهب بها النوم، فثبت عند رأسها حتى أصبح، ولما قدم أبو موسى الأشعرى وأبو عامر على رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعاه وأسلما، قال لهم صلى الله عليه وسلم” ما فعلت امرأة منكم تدعى كذا وكذا؟ قالوا تركناها في أهلها.

قال الرسول صلى الله عليه وسلم ” فإنه قد غفِر لها” قالوا بم يا رسول الله؟ قال ” ببرها والدتها” قال ” كانت لها أم عجوز كبيرة، فجاءهم النذير إن العدو يريد أن يغير عليكم، فجعلت تحمل أمها على ظهرها، فإذا أعيت وضعتها، ثم ألزقت بطنها ببعض أمها وجعلت رجليها تحت رجلي أمها من الرمضاء حتى نجت” أخرجه عبد الرزاق في مصنفه، فإنها الأم، يا من تريد النجاة، الزم رجليها، فثم الجنة، فقال ابن عمر رضي الله عنهما لرجل ” أتخاف النار أن تدخلها، وتحب الجنة أن تدخلها؟ قال نعم، قال ” بر أمك، فوالله لئن ألنت لها الكلام وأطعمتها الطعام لتدخلن الجنة ما اجتنبت الموجبات” يعنى الموبقات، وهكذا فإن بر الأم من أعظم الأجور ومن أهم الواجبات، بل هو من التقوى والعمل بما يرضي الله، وذلك بالإحسان إليها قولا وفعلا بالمال والبدن.