الدكرورى يكتب عن أمك ثم أمك ثم أمك ” جزء 10″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
أمك ثم أمك ثم أمك ” جزء 10″
ونكمل الجزء العاشر مع أمك ثم أمك ثم أمك، فاحتج الولد على أمه وما كان من هذا العاق إلا أن أسرع بسكين، ثم انقض بالسكين على أمه بطعنات قاتلة حتى فارقت الحياة، ما هذا؟ والله إن الحلق ليجف، وإن القلب لينخلع، من هول هذه الصورة البشعة من صور العقوق للآباء والأمهات الذى حذر الله تعالى منه فى أدنى صوره، وأقل أشكاله وألوانه، فيا أيها الأبناء اعلموا علم اليقين أن العقوق كبيرة تلى كبيرة الشرك بالله، فإن العقوق من أكبر الكبائر، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم قال ” إن من أكبر الكبائر أن يسب الرجل والديه” فقال الصحابة وهل يشتم الرجل والديه؟ فقال النبى صلى الله عليه وسلم “نعم يسب الرجل أبا الرجل، فيسب أباه، ويسب أمه، فيسب أمه” فانظر إلى هذا السؤال الإنكارى.
من الصحابة رضوان الله عليهم، وهل يشتم الرجل والديه لا أن يقتل والديه؟ لا يتصور الصحابة فى مجتمع الطهر مجرد أن يشتم الرجل والديه، فقال النبى صلى الله عليه وسلم أن يشتم رجل بأبيه، فيرد هذا الرجل على الشاتم بأن يشتم أباه، وبهذا يكون الرجل سب أباه بطريق غير مباشر، وهذا الفعل من أكبر الكبائر والعياذ بالله، وإن العقوق سبب من أسباب الحرمان من الجنة والطرد من رحمة الله تعالى التى وسعت كل شىء، ففى الحديث الذى رواه النسائى والبزار عن عمر بن الخطاب قال أن النبى صلى الله عليه وسلم قال” ثلاثة لا ينظر الله عز وجل إليهم يوم القيامة” قيل من هم يا رسول الله ؟ قال ” العاق لوالديه، والمرأة المترجلة، والديوث” فيا أيها الأبناء، ويا أيها الآباء تدبروا قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ” ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة”
خابوا وخسروا ورب الكعبة هؤلاء هم الذين طردوا من رحمة الرحمن، التى وسعت كل شىء، وأول المطرودين هو العاق لوالديه، ويا من منّ الله عليكم الآن بنعمة الآباء والأمهات، وأنتم لا تدركون قدر هذه النعمة، ولن تشعروا بها إلا إذا فقدتم الوالدين، أسأل الله أن يبارك فى أعمار أبائنا وأمهاتنا، وأن يختم لنا ولهم بصالح الأعمال إنه على كل شىء قدير، فإن العقوق لا ينفع معه أى عمل، سواء صـلاة أو زكاة أو حج أو صيام، ففي الحديث الذى رواه الإمام الطـبرانى وابن أبى عاصم من حديث أبى أمامة أن النبى الكريم صلى الله عليه وسلم قال ” ثلاثة لا يقبل الله منهم صرفا، ولا عدلا، العاق لوالديه والمنان والمكذب بالقدر” وإن العقوق دين لا بد من قضائه فى الدنيا قبل الآخرة، فكما تدين تدان، فإن بذلت البر لوالديك سخّر الله أبناءك لبرك.
وإن عققت والديك سلط الله أبناءك لعقوقك، ستجنى ثمرة العقوق في الدنيا قبل الآخرة، ففى الحديث الذى رواه الطـبرانى والبخارى من حديث أبي بكرة أن النبى الكريم صلى الله عليه وسلم قال ” اثنان يعجلهما الله فى الدنيا، البغى وعقوق الوالدين” فتدبر معى أن هذا ابن عاق يعيش معه والده فى بيته فكبر الوالد، وانحنى ظهره، وسال لعابه، واختلت أعصابه، فاشمأزت منه زوجة الابن، وكم من الأبناء يرضون الزوجات على حساب طاعة الأمهات والآباء، فطرد الولد أباه من البيت، فرقّ طفل صغير من أبنائه لجده فقال له لماذا تطرد جدنا من بيتنا يا أبى، فقال: حتى لا تتأففون منه، فبكى الطفل لجده وقال حسنا يا أبتي، وسوف نصنع بك هذا غدا إن شاء الله، فالعقوق دَين لابد من قضائه، وهذا ابن آخر يصفع والده على وجهه، فيبكى الوالد ويرتفع بكاءه، فيتألم الناس.
لبكاء هذا الشيخ الكبير، وينقض مجموعة من الناس على هـذا الابن العاق ليضربوه، فيشير إليهم الوالد ويقول لهم دعوه، ثم بكى وقال والله منذ عشرين سنة، وفى نفس هذا المكان صفعت أبى على وجهه، وهكذا فإن العقوق دَين لابد من قضائه، وهذا ابن ثالث عاق يجر أباه من رجليه ليطرده خارج بيته، وما إن وصل الولد بأبيه وهو يجره حتى الباب، وإذا بالوالد يبكى ويقول لولده كفى يا بنى، كفى يا بنى إلى الباب فقط، فقال لا بل إلى الشارع، قال والله ما جررت أبى من رجليه إلا إلى الباب فقط، فكما تدين تدان، ويكفى أن تعلم أن الله تعالى قد قرن بر الوالدين والإحسان إليهما بتوحيده فقال تعالى فى كتابه الكريم ” وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا “.