صرخة جديدة تهزّ مصر: من “سفاح الإسماعيلية” إلى ” الطفل السفاح”… هل فقدت الإنسانية براءتها؟.

صرخة جديدة تهزّ مصر: من “سفاح الإسماعيلية” إلى ” الطفل السفاح”… هل فقدت الإنسانية براءتها؟.

الإسماعيلية تئن تحت وطأة جريمة فاقت حدود الوصف… مأساة “يوسف ومحمد” تضع المجتمع أمام المرآة.

الإسماعيلية – تحقيق موسع ومتابعة قضائية

لم يكد الشارع المصري يفيق من صدمة قضايا عنف سابقة، حتى تفجرت في مدينة الإسماعيلية جريمة جديدة، أشد إيلاماً وأكثر رعباً، بطلاها طفلان لم يتجاوزا العقد الأول من عمرهما. تتحول الإسماعيلية مرة أخرى إلى نقطة سوداء في خريطة الجريمة، ليتردد التساؤل بمرارة: هل تحول أبناؤنا إلى مشاريع “سفاحين” صغار؟

هذه المرة، لا نتحدث عن دافع انتقام أو ثأر، بل عن شجار صبياني انتهى بكارثة إنسانية كاملة، حيث أقدم الطفل “يوسف” (13 عاماً) على قتل زميله وصديقه المقرّب “محمد”، بطريقة لا يمكن لعقل واعٍ أن يستوعبها، فكيف بطفل؟!

وحدة قاتلة وعنف مستورد

للوقوف على أبعاد هذه المأساة، يجب التوقف طويلاً عند الخلفية الاجتماعية والنفسية للطفل المتهم. تشير التحريات إلى أن يوسف كان يعيش في بيئة مفككة، أشبه ببرميل بارود جاهز للانفجار:

* التفكك الأسري والغياب: والدة الطفل مطلقة ومتزوجة من رجل آخر، مما يعني انعدام وجود الأم في حياته اليومية.

* الفراغ الأبوي: والده، الذي يعمل نجاراً، كان يقضي معظم وقته خارج المنزل لتأمين لقمة العيش، تاركاً الطفل وحيداً في الشقة بحيّ المحطة الجديدة.

* الوحدة والرقابة المعدومة: هذا الفراغ العاطفي والرقابي سمح للطفل بالانغماس في عالم افتراضي مظلم.

ففي غياب الحنان والتوجيه، أصبح العنف المرئي هو رفيقه ومُعلمه.

سرد مروع للجريمة: محاكاة حرفية لأفلام الغرب

بعد أن ارتكب يوسف جريمته، لم يتوقف الأمر عند القتل. بل بدأ في تطبيق سيناريو مستوحى من أفلام الجريمة الغربية التي تتخصص في القتل المتسلسل والتنكيل بالجثث.

في اعترافاته المذهلة أمام النيابة، أكد الطفل أنه استلهم فكرة التخلص من الجثة بـ تقطيعها إلى أربعة أجزاء وحمل هذه الأجزاء في حقيبة مدرسته للتخلص منها تدريجياً في أماكن متفرقة (أبرزها خلف مول كارفور). وكشف عن اقتباس مروع يردده في الأفلام الأجنبية التي شاهدها: “إذا لم تستطع إخفاء الجريمة، فاجعل الأدلة كلها مربكة لدرجة أنهم لن يعرفوا من أين يبدأون!”.

هذا الاعتراف يضعنا أمام كارثة حقيقية: أجيال صغيرة تشاهد وتقتبس وتطبق أخطر أساليب الجريمة المعروضة على الشاشة.

قرارات النيابة والمجتمع على المحك

بعد جهود مكثفة من أجهزة الأمن لكشف تفاصيل الاختفاء المأساوي للطفل “محمد”، والتوصل إلى يوسف عبر تتبع تحركاته الأخيرة، صدر قرار النيابة الأخير بـ تجديد حبس الصغير يوسف لمدة 15 يوماً على ذمة التحقيقات بتهمة القتل العمد والتنكيل بالجثة.

التحقيقات القضائية مستمرة، لكن الأسئلة الاجتماعية تطغى على الملف الجنائي:

* من قتل براءة يوسف؟ هل هو غياب الأم، إرهاق الأب، أم المحتوى المرئي المسموم؟

* هل أصبح التفكك الأسري قنبلة موقوتة تهدد أمن المجتمع وتنتج أجيالاً فاقدة للتعاطف الإنساني؟

* ما الدور الغائب لمؤسسات الرقابة الإعلامية والنفسية في حماية أطفالنا من المحتوى المستورد الذي يحرض على القتل والتمثيل بالجثث؟

إن مأساة “سفاح الطفل” هي دعوة أخيرة لليقظة، لإنقاذ ما تبقى من أجيالنا، قبل أن يتحول كل بيت مفكك إلى “عش” يفقس مشاريع إجرامية جديدة، تهدد الأمن و

السلم الاجتماعي في مصر.