#وداعًا فينس زامبيلا.. صانع التحولات الكبرى في ألعاب الفيديو

#وداعًا فينس زامبيلا.. صانع التحولات الكبرى في ألعاب الفيديو

يُعتبر فينس زامبيلا واحدًا من الأسماء المؤسسة في تاريخ صناعة ألعاب الفيديو الحديثة، وشخصية محورية في تحويل ألعاب التصويب من مجرد تجربة ترفيهية إلى صناعة عالمية ذات تأثير ثقافي واقتصادي واسع.

 

ولم يكن رحيل زامبيلا المفاجئ، الاثنين 22 ديسمبر 2025، عن عمر 55 عامًا في حادث سيارة قرب لوس أنجلوس مجرد خبر وفاة، بل خسارة حقيقية لأحد العقول التي أعادت رسم ملامح هذا القطاع خلال أكثر من عقدين.

 

من هوليوود إلى ساحات القتال الرقمية

 

حسب صحيفة لو موند، الاثنين، برز اسم زامبيلا بقوة مطلع الألفية، حين قاد تطوير لعبة Medal of Honor: Allied Assault عام 2002 لصالح شركة Electronic Arts، من داخل استوديو 2015. ولم تكن اللعبة مجرد إصدار ناجح، بل تجربة سينمائية تفاعلية غير مسبوقة، استلهمت أحداثها من إنزال نورماندي عام 1944، وجاءت امتدادًا بصريًا وروحيًا لفيلم إنقاذ الجندي رايان.

 

وهذا المشروع، الذي شارك في تطويره بالتعاون مع المخرج الأمريكي ستيفن سبيلبرج، شكّل نقطة تحول في طريقة سرد الحروب داخل ألعاب الفيديو، ووضع زامبيلا في مصاف المبتكرين القادرين على المزج بين التاريخ والتقنية والدراما.

 

ولادة كول أوف ديوتي وصناعة ظاهرة عالمية

 

في العام نفسه، اتخذ زامبيلا قرارًا مفصليًا بتأسيس استوديو Infinity Ward إلى جانب جيسون ويست وجرانت كولير، ومن هذا الاستوديو وُلدت Call of Duty، اللعبة التي لم تكتفِ بالنجاح التجاري، بل أعادت تعريف ألعاب التصويب من منظور الشخص الأول.

 

واعتمدت السلسلة على إيقاع سريع، وسرد جماعي للمعارك، وتجربة لعب جماعية تحولت لاحقًا إلى ظاهرة عالمية. ومع تجاوز مبيعات السلسلة 500 مليون نسخة منذ عام 2003، أصبحت Call of Duty واحدة من أعمدة صناعة الألعاب وأحد أكبر مصادر الدخل في قطاع الترفيه الرقمي.

 

صدام مع أكتيفيجن وبداية مرحلة الاستقلال

 

لكن مسيرة زامبيلا لم تخلُ من الصدامات، ففي عام 2010، وبعد استحواذ Activision على Infinity Ward، جرى فصله مع شريكه جيسون ويست، في واحدة من أكثر الأزمات القانونية شهرة داخل صناعة الألعاب.

 

وانتهى النزاع بتسوية خارج المحكمة عام 2012، لكن زامبيلا خرج من التجربة أكثر استقلالًا، ليؤسس استوديو Respawn Entertainment، الذي سرعان ما فرض نفسه لاعبًا أساسيًا بأعمال مثل Titanfall وApex Legends، قبل أن يضيف إلى رصيده الإبداعي سلسلة Star Wars Jedi، مثبتًا قدرته على النجاح داخل عوالم مختلفة وبأنماط لعب متنوعة.

 

العودة إلى القمة مع Battlefield

 

مع استحواذ EA على Respawn عام 2017، عاد زامبيلا إلى موقع قيادي مؤثر، وتوّج مسيرته بإسناد إدارة سلسلة Battlefield إليه عام 2021. وتحت إشرافه، صدر Battlefield 6 في أكتوبر 2025، محققًا إشادة نقدية أعادت للسلسلة بريقها بعد سنوات من التراجع، وأكدت أن زامبيلا لم يكن مجرد صانع نجاحات ماضية، بل مطورًا قادرًا على التجديد حتى آخر محطاته المهنية.

 

رحيل فينس زامبيلا ترك فراغًا يصعب تعويضه في صناعة تعتمد على الرؤية بقدر اعتمادها على التكنولوجيا. فقد كان من القلائل الذين جمعوا بين الحس الإبداعي، والقدرة الإدارية، وفهم عميق لسلوك اللاعبين. وكما قالت Electronic Arts في بيان نعيه، فإن تأثيره لم يكن محدودًا بل شكّل الألعاب الحديثة، وألهم ملايين اللاعبين والمطورين حول العالم، ليبقى اسمه مرتبطًا بعصر كامل من تطور ألعاب الفيديو، حتى بعد غيابه.