الدكرورى يكتب عن الملك العادل ذو القرنين “جزء 10”
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
الملك العادل ذو القرنين “جزء 10”
ونكمل الجزء العاشر مع الملك العادل ذو القرنين، ومن بعد إنتهاء ذو القرنين من أمر الغرب توجه الى أقصى الشرق، من مكان ما تشرق فيه الشمس، وهذه الأرض كانت مكشوفة لا أشجار فيها ولا مرتفعات تحجب الشمس عن أهلها وحكم بأهلها كحكمه على أهل الغرب، وأما عن قصته مع قوم يأجوج ومأجوج فكان من بعد ما إنتهى ذو القرنين من أهل الشرق أكمل طريقه حتى وصل الى قوم يعيشون بين جبلين أو سدين وبينهما فجوة، وكانوا يتكلمون بلغة غريبة غير مفهومة وعندما وصل اليهم وجدوه حاكم أتاه الله من قوة فطلبوا منه المساعدة ليجعل بينهم وبين يأجوج ومأجوج سدا مقابل من المال فوافق الملك أن يجعل بينهم سدا ولكنه لم يرضى أن يأخذ مال وزهد عنه.
وقد أتاه الله من الحكمة فقد إستخدم ذو القرنين هندسة رائعة في بناء السد، فقد قام بجمع الحديد ووضعها في الفتحة حتى تساوت مع قمة الجبلين وأوقد النار عليها ومن ثم سكب عليه النحاس المذاب، حتى يصبح أكثر صلابة وقوة فسد الفجوة ومنع الطريق عن قوم يأجوج ومأجوج، وإن الفائدة من هذه القصة هو أنه رغم قوة حكم ذو القرنين وما أعطاه الله من الحكمة ومن قوة ومن عزة لم يسكن قلبه الغرور، فقد جال الشرق والغرب وحكم العالم بحكمه العادل ولم تأخذه الكبر، وأن الحاكم الصالح باستطاعته التغيير للأحسن لقومه وشعبه، ورغم الفتوحات التي فتحها وحكمه الشاسع لم يكن هدفه الجمع المادي فقط للدعوة الى الله تعالى ورفع الظلم، ولم يقم من الإستغلال للأشخاص والجماعات.
الذين كان يمر عليهم وكان يعاملهم برفق، فهي قصة يجب أن يتعظ منها الحكام ومن لديه السلطة سواء كان في عمله أو في بيته أو مهما كان فالرفق والرحمة والتواضع من صفة العظماء، ويرى بعض المؤرخين المسلمين أن هناك تشابه بين قصة الإسكندر الأكبر وقصة ذي القرنين، بينما يرفض ذلك أغلب علماء الدين الإسلامي باعتبار أن الإسكندر المقدوني لم يدين بالتوحيد، ولم يكن مؤمنا صالحا مثل ذي القرنين، والاستدلال الأكبر من قبل المؤرخين أن الإسكندر كان يظهر على رأسه قرني كبس في أغلب المسكوكات، وأنه غزا الشرق والغرب، وبينما ينكر ذلك أغلب علماء الإسلام، ويستدلوا بعدة أدلة، منها أنه لم يكن موحدا، وأن زمن الإسكندر الأكبر مختلف عن زمن ذي القرنين.
فيذكر ابن كثير الدمشقي أنه بين زمانيهما أزيد من ألفي سنة، وأما الاختلاف الثالث فأن الإسكندر كان من اليونان، وذي القرنين من العرب، وكما يعتقد عدد من علماء المسلمين أن ذي القرنين كان في زمن نبى الله إبراهيم عليه السلام، وقد ذكر الأزرقي وابن كثير الدمشقي أن ذا القرنين أسلم على يدي نبى الله إبراهيم وطاف معه بالكعبة هو وإسماعيل عليهم السلام، وقد وردت بعض الآثار الإسلامية المنسوبة للصحابة الكرام والتابعين أن ذا القرنين أنه من ملوك حمير، وكان ملوك حمير التبابعة يحملون ألقاب بها حرف ذو، مثل ذو نواس الحميري والملك سيف بن ذي يزن والملك ذو رعين الحميري والملك عمرو ذو غمدان، والملك عامر ذو رياش، والملك إفريقيس بن ذي المنار.
والملكة لميس بنت ذي مرع وغيرهم كثيرون، وقد اختلفوا في اسمه فقالوا اسمه الصعب بن مرائد، وهو أول التبابعة، وهو الذي حكم لإبراهيم في بئر السبع، وفي خطبة قس بن ساعدة قال “يا معشر إياد، أين الصعب ذو القرنين، ملك الخافقين، وأذل الثقلين، وعمر ألفين، ثم كان كلحظة عين” ويُروى عن ابن عباس رضى الله عنهما، أنه سئل عن ذي القرنين من كان، فقال ” هو من حمير، وهو الصعب بن مراثد، وهو الذي مكن الله له الأرض وأتاه الله من كل شي سببا ” وقد سئل كعب الأحبار عن ذي القرنين فقال ” الصحيح عندنا من علوم أحبارنا وأسلافنا أنه من حمير، وأنه الصعب ” وذكر المقريزي أن اسمه الصعب بن مراثد بن الحارث الرائش بن الهمال في سدد بن عاد بن منح بن عامر الملطاط بن سكسك بن وائل بن حمير بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان بن هود.