الملك العادل ذو القرنين “جزء 11”

الدكرورى يكتب عن الملك العادل ذو القرنين “جزء 11”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

الملك العادل ذو القرنين “جزء 11”

ونكمل الجزء الحادى عشر مع الملك العادل ذو القرنين، وقيل كان اسمه مرزبى بن مرذبة، وذكر الدارقطني وابن ماكولا أن اسمه هرمس، ويقال هو هرديس بن فيطون بن رومي بن لنطي بن كسلوجين بن يونان بن يافث بن نوح، وقيل إنه أفريدون بن أسفيان، الذي قتل الملك الضحاك، وقال أبو جعفر الطبري “وكان الخضر في أيام أفريدون الملك بن الضحاك في قول عامة علماء أهل الكتاب الأول، وقيل نبى الله موسى بن عمران عليه السلام، وقيل إنه كان على مقدمة ذي القرنين الأكبر الذي كان على أيام إبراهيم الخليل وإن الخضر بلغ مع ذي القرنين أيام مسيره في البلاد نهر الحياة فشرب من مائه وهو لا يعلم به ذو القرنين ولا من معه فخلد وهو حي عندهم إلى الآن.

وقال آخرون إن ذا القرنين الذي كان على عهد إبراهيم الخليل هو أفريدون بن الضحاك وعلى مقدمته كان الخضر وهذا الرأي ضعيف، وقد ذكر أيضا ابن هشام أن هذا القول غير جازما به، أنه أحد ملوك حمير التبابعة في كتابه التيجان، وأبو الريحان البيروني في كتابه الآثار الباقية عن القرون الخالية، وأجزم بهذا القول نشوان الحميري في كتابه شمس العلوم وكتاب خلاصة السير الجامعة لعجائب أخبار الملوك التبابعة، وقد جاء في بعض أشعار الحميريين تفاخرهم بجدهم ذي القرنين، ولقد كان ذو القرنين موضوعا مفضلا للكتاب والأدباء، تسرد إحدى النسخ العربية والفارسية من كتاب ألف ليلة وليلة قصة لقاء الإكسندر أو ذي القرنين مع حكماء هنود، لم يكن لديهم ممتلكات سوى حفر القبور على أبواب منازلهم.

وأوضح ملكهم أنهم فعلوا ذلك لأن اليقين الوحيد في الحياة هو الموت، وعن أبي جعفر عن أبيه أنه سئل عن ذي القرنين قال كان ذو القرنين عبدا من عباد الله عز وجل، صالحا وكان من الله بمنزلة ضخم، وكان قد ملك ما بين المشرق والمغرب وكان له خليل من الملائكة يقال له زيافيل وكان يأتي ذا القرنين يزوره، فبينا هما ذات يوم يتحدثان، إذ قال له ذو القرنين حدثني كيف كانت عبادتكم في السماء قال فبكى ثم قال، يا ذا القرنين وما عبادتكم عند عبادتنا في السماء، ملائكة قيام لا يجلسون أبدا ومنهم ساجد لا يرفع رأسه أبدا وراكع لا يستوي قائما أبدا ورافع وجهه لا يطرق شاخص أبدا يقول، سبحان الملك القدوس رب الملائكة والروح رب ما عبدناك حق عبادتك قال.

فبكى ذو القرنين بكاء شديدا ثم قال يا زيافيل إني أحب أن أعيش حتى أبلغ من عبادة ربي حق طاعته قال، وتحب ذلك يا ذا القرنين قال، نعم قال زيافيل فإن لله تبارك وتعالى عينا تسمى عين الحياة من شرب منها شربة لم يمت أبدا حتى يكون هو الذي يسأل ربه الموت، فقال ذو القرنين فهل تعلمون أنتم موضع تلك العين قال زيافيل لا، غير أنا نتحدث في السماء أن لله ظلمة في الأرض لم يطأها إنس ولا جن، ونحن نظن أن تلك العين في تلك الظلمة، قال فجمع ذو القرنين علماء أهل الأرض وأهل دراسة الكتب وآثار النبوة فقال لهم أخبروني هل وجدتم في كتاب الله تعالى وفيما عندكم من الأحاديث عن الأنبياء والعلماء قبلكم أن الله تبارك وتعالى وضع على الأرض عينا سماها عين الحياة قالوا، لا .

فقال ذو القرنين فهل وجدتم فيها أن الله تعالى وضع في الأرض ظلمة لم يطأها إنس ولا جن قالوا، لا، قال عالم منهم، أيها الملك لِمَ تسأل عن هذا فأخبره بما قاله زيافيل فقال، أيها الملك إني قرأت وصية آدم عليه السلام فوجدت فيها أن الله تبارك وتعالى وضع في الأرض ظلمة لم يطأها إنس ولا جان قال ذو القرنين فأين وجدتها في الأرض قال، وجدتها على قرن الشمس فبعث ذو القرنين فحشر الناس والفقهاء والأشراف والملوك ثم سار يطلب مطلع الشمس فسار إلى أن بلغ طرف الظلمة اثنتي عشرة سنة، فإذا الظلمة ليست بليل وهي ظلمة تفور مثل الدخان فعسكر، ثم جمع علماء أهل عسكره فقال إني أريد أن أسلك هذه الظلمة فقالوا أيها الملك إنه قد كان قبلك من الأنبياء والملوك لم يطلبوا هذه الظلمة فلا تطلبها.