الدكرورى يكتب عن الملك العادل ذو القرنين “جزء 12”
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
الملك العادل ذو القرنين “جزء 12”
ونكمل الجزء الثانى عشر مع الملك العادل ذو القرنين، ثم جمع علماء أهل عسكره فقال إني أريد أن أسلك هذه الظلمة فقالوا أيها الملك إنه قد كان قبلك من الأنبياء والملوك لم يطلبوا هذه الظلمة فلا تطلبها، فإنا نخاف أن يتشعب علينا منها أمر نكرهه ويكون فيه فساد أهل الأرض فقال ذو القرنين لا بد أن أسلكها، فخر العلماء سجودا ثم قالوا، أيها الملك كف عن هذا ولا تطلبها فإنا لو كنا نعلم أنك إذا طلبتها ظفرت بما تريد ولم يسخط الله علينا لكان ولكنا نخاف المقت من الله تعالى، وأن يتشعب علينا منها أمر يكون فيه فساد أهل الأرض ومن عليها فقال ذو القرنين إنه لا بد من أن أسلكها فقالوا، فشأنك قال، أخبروني أي الدواب بالليل أبصر قالوا، البكارة، فأرسل فجمع له ستة آلاف فرس أنثى بكارة.
فانتخب من عسكره ستة آلاف رجل من أهل العقل والعلم، فدفع إلى كل رجل فرسا وعقد للخضر عليه السلام، على مقدمته في ألفي رجل وبقي هو في أربعة آلاف رجل، وقال لمن بقي من الناس من عسكره، لا تبرحوا عسكري اثنتي عشرة سنة، فإن نحن رجعنا إليكم وإلا فارجعوا إلى بلادكم، فقال الخضر أيها الملك إنك تسلك ظلمة لا تدري كم مسيرتها ولا يبصر بعضنا بعضا فكيف نصنع بالظلل إذا أصابتنا فدفع ذو القرنين إلى الخضر خرزة حمراء فقال، إذا أصابكم الظلل فاطرح هذه الخرزة إلى الأرض فإذا صاحت فليرجع أهل الظلال فسار الخضر بين يدي ذي القرنين يرتحل الخضر وينزل ذو القرنين وقد عرف الخضر ما يطلب ذو القرنين وذو القرنين يكتم ذلك فبينا الخضر يسير.
إذ عارضه واد فظن أن العين في ذلك الوادي فلما أتى شفير الوادي قال لأصحابه، قفوا ولا يبرحن رجل منكم من موقفه ورمى الخضر بالخرزة، فإذا هي على حافة العين فنزع الخضر ثيابه ثم دخل العين فإذا ماء أشد بياضا من اللبن وأحلى من الشهد فشرب منه وتوضأ واغتسل ثم خرج فلبس ثيابه ثم رمى بالخرزة نحو أصحابه فوقعت الخرزة فصاحت فرجع الخضر إلى صوت الخرزة وإلى أصحابه فركب وقال، لأصحابه سيروا بسم الله، قال، ومر ذو القرنين فأخطأ الوادي فسلكوا تلك الظلمة أربعين يوما ثم خرجوا إلى ضوء ليس بضوء شمس ولا قمر أرض خضراء حشاشة، وإذا في تلك الأرض قصر مبني طوله فرسخ في فرسخ مبوب ليس عليه أبواب فنزل ذو القرنين بعسكره.
ثم خرج وحده حتى نزل ذلك القصر فإذا حديدة قد وضع طرفاها على حافتي القصر من هاهنا وهاهنا فإذا طائر أسود كأنه الخطاف مزموم بأنفه إلى الحديد معلق بين السماء والأرض قال، فلما سمع الطائر خشخشة ذي القرنين، قال من هذا؟ قال أنا ذو القرنين قال الطائر، ما كفاك وما وراءك حتى وصلت إلي؟ ثم قال، يا ذا القرنين حدثني قال سل ما شئت قال، هل كثر بناء الجص والآجر؟ قال، نعم، قال، فانتفض الطائر انتفاضة انتفخ ثم انتفض حتى بلغ ثلث الحديدة ثم قال، يا ذا القرنين أخبرني؟ قال سل، قال هل كثر شهادة الزور في الأرض؟ قال نعم، فانتفض الطائر ثم انتفخ حتى بلغ ثلثي الحديدة، قال يا ذا القرنين حدثني هل كثر المعازف في الأرض؟ قال نعم، فانتفض الطائر.
حتى ملأ الحديدة سد ما بين جداري القصر قال ففرق ذو القرنين فرقا شديدا قال الطائر، يا ذا القرنين لا تخف حدثني قال، سل، قال هل ترك الناس شهادة أن لا إله إلا الله بعد؟ قال، لا قال، فانتفض الطائر ثلاثا ثم قال حدثني يا ذا القرنين، قال سل، قال هل ترك الناس الصلاة المكتوبة بعد؟ قال لا، فانتفض ثلاثا ثم قال، حدثني يا ذا القرنين، قال سل، قال هل ترك الناس الغسل من الجنابة بعد؟ قال لا، فعاد الطائر كما كان، ثم قال يا ذا القرنين اسلك هذه الدرجة التي في أعلى القصر؟ قال، فسلكها ذو القرنين وهو خائف حتى إذا استوى على صدر الدرجة إذا سطح ممدود في واد عليه رجل قائم أو متشبه بالرجل شاب عليه ثياب بيض رافع وجهه إلى السماء واضع يده على فيه فلما سمع حس ذي القرنين قال، من هذا؟