حياة الخضر عليه السلام ” جزء 7″

الدكرورى يكتب عن حياة الخضر عليه السلام ” جزء 7″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى

حياة الخضر عليه السلام ” جزء 7″

ونكمل الجزء السابع مع حياة الخضر عليه السلام، وأن الخضر عليه السلام قد اختلف العلماء والمؤرخون كثيرا في شخصيتة، حيث اعتبره البعض منهم نبيا من الأنبياء، وأن الله سبحانه وتعالى قد أطال في عمره حتى يدرك الدجال فيكذبه، ومنهم من رأى بأنه ولي من أولياء الله، وقيل أنه ابن آدم لصلبه، والقول الراجح أن الخضر هو نبي من أنبياء الله تعالى لقوله كما جاء فى سورة الكهف ” وما فعلته عن أمرى ” أي كان فعله بوحي من الله تعالى إليه، أما سبب تسمية الخضر بهذا الاسم فقد أورد الإمام البخاري حديثا يقول النبي صلى الله عليه وسلم فيه “أن الخضر إنما سمي خضرا، لأنه جلس على فروة بيضاء فإذا هي تهتز خلفه خضراء” ولقد وقف نبى الله موسى عليه السلام في أحد الأيام خطيبا في بني إسرائيل فسألوه عن أعلم أهل الأرض.

فأخبرهم بأنه هو أعلم من في الأرض، فعاتبه الله تعالى لانه لم يرجع الفضل إليه، وأخبره بوجود رجل صالح هو أعلم منه في مجمع البحرين، فسأل نبى الله موسى عليه السلام ربه عن كيفية الوصول لهذا الرجل، فأمره بالخروج وأن يأخذ معه حوتا ويجعله بمكتل، وفي المكان الذي يفقد فيه الحوت يكون الرجل الصالح فانطلق نبى الله موسى عليه السلام آخذا معه فتاه يوشع بن نون والحوت، ولما وصلا إلى الصخرة غلبهما النعاس وناما، فخرج الحوت من المكتل وهرب إلى البحر بعد أن شرب من عين ماء موجودة في الصخرة يقال لها عين الحياة، إذ رُدت له الروح فهرب لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم “وفى أصل الصخرة عين يقال لها الحياة لا يصيب من مائها شئ إلا حيى، فأصاب الحوت من ماء تلك العين، قال فتحرك وانسل من المكتل”

وقد منع الله تعالى جريان الماء في المكان الذي هرب الحوت من خلاله حتى لا يُمحى أثره، وعندما استيقظ نبى الله موسى عليه السلام تابع مسيره دون أن يتفقد الحوت فقال الله تعالى كما جاء فى سورة الكهف ” وإذ قال موسى لفتاه لا أبرح حتى أبلغ محمع البحرين أو أمضى حقبا، فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما فاتخذ سبيله فى البحر سربا” وبعدما تعدى المكان الذي أمره الله تعالى أن يصل إليه شعر بالتعب والجوع فطلب من فتاه الأكل فتذكر فتاه حينئذ أن يخبره بأمر هروب الحوت عندما كانا عند الصخرة وما كان نسيانه لذلك إلا من الشيطان فقال الله تعالى كما جاء فى سورة الكهف “فلما جاوز قال لفتاه آتنا غدائنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا، قال أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإنى نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره وأتخذ سبيله فى البحر عجبا ”

فعادا إلى المكان الذي فقدا فيه الحوت فوجدا العبد الصالح هناك، فقال الله تعالى كما جاء فى سورة الكهف “قال ذلك ما كنا نبغ فارتدا على آثارهما قصصا، فوجدا عبدا من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما” وسلم نبى الله موسى عليه السلام عليه وعرّف عن نفسه وأخبره بأنه قد أتاه ليُعلمه، فعرفه العبد الصالح وهو الخضر عليه السلام، وأخبره بأن الله تعالى قد أطلع كل منهما على علم لا يعلمه الآخر فما كانت حكمته معلومة لِأحدهما لن تكون كذلك للآخر فقال الله تعالى كما جاء فى سورة الكهف “قال له موسى هل أتبعك على أن تعلمن مما علمت رشدا، قال إنك لن تستطيع معى صبرا، وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا ” إلا أن موسى عليه السلام أصرعلى صحبته وأخبره بأنه لن يخالف أمره فوافق الخضر بشرط ؟

ألا يسئله موسى عليه السلام عن شيء حتى يُبين له هو ما قد ينكره عليه، فقال الله تعالى كما جاء فى سورة الكهف “قال ستجدنى إن شاء الله صابرا ولا أعصى لك أمرا، قال فإن اتبعتنى فلا تسألنى عن شئ حتى أحدث لك منه ذكرا” فلو كان وليا وليس بنبي لم يخاطبه موسى بهذه المخاطبة، ولم يرد على موسى هذا الرد، بل موسى إنما سأل صحبته لينال ما عنده من العلم الذي اختصه الله به دونه، فلو كان غير نبي لم يكن معصوما، ولم تكن لموسى، وهو نبي عظيم ورسول كريم واجب العصمة كبير رغبة ولا عظيم طلبة في علم ولي غير واجب العصمة، ولما عزم على الذهاب إليه والتفتيش عليه، ولو أنه يمضي حقبا من الزمان قيل ثمانين سنة، ثم لما اجتمع به تواضع له وعظمه واتبعه في صورة مستفيد منه، دل على أنه نبي مثله يوحى إليه كما يوحى إليه.