التحلي بصفات الرجال ” جزء 1″

الدكرورى يكتب عن التحلي بصفات الرجال ” جزء 1″

بقلم / محمــــد الدكــــرورى

التحلي بصفات الرجال ” جزء 1″

لقد فقدت الرجولة اليوم كثيرا من معانيها الحقيقية، فترى الناس اليوم يزعمون أنهم رجال، يقوم كل واحد منهم فيقول أنا رجل، ولكن في الحقيقة ماذا تنطوي عليه هذه الرجولة، ما هو مضمونها ومن الناس اليوم من يظن أن الرجولة عبارة عن فتل الشوارب، وتربية هذه الشنبات وإطالتها، يظن أن هذه هي الرجولة، وهو مخالف لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم ظاهرا وباطنا، ومن الناس من يظن الرجولة اليوم هي الأخذ بالثار، ويقول هؤلاء ليسوا رجالا، ما أخذوا بثأرهم، وهؤلاء رجال، أخذوا بثأرهم، فقتلوا فلان، ولو كان ليس له ذنب، ومن الناس من يظن اليوم أن ارتكاب المحرمات هي الرجولة، فترى بعض الأحداث اليوم لكي يبرهنوا لأنفسهم وللناس أنهم رجال يدخن مثلا، يزعم أن التدخين رجولة، ويسافر لوحده للخارج.

ويعبث بالمحرمات، وينتهك حدود الله عز وجل، ويزعم أن هذه هي الرجولة، وظن أحدهم أن الرجولة أن ينفخ على الخدم والموظفين، ويطرد من يشاء ويبقي من يشاء، يظن أن هذه هي الرجولة، كلا، ليست الرجولة ارتكابا للمحرمات، ولا كانت الرجولة يوما من الأيام في تاريخ الإسلام البطش والاعتداء على الأبرياء، ومن الناس من يظن الرجولة رفع الصوت، أو الصياح في البيت، وفرض الرأي بقوة العضلات والبطش، وغير ذلك، يظنون أن هذه هي الرجولة، فنتكلم عن الرجال والرجولة في زمن فقدت الأمة أخلاق الرجولة، وصرنا نرى أشباه الرجال ولا رجال، غثاء كغثاء السيل، نتكلم عن الرجال والرجولة في زمنٍ صدق فينا قول القائل ” يا له من دين لو كان معه رجال ” نتكلم عن الرجال والرجولة والأمة اليوم بحاجة إلى رجال يحملون الدين ويسعون جادّين لخدمة دينهم وأوطانهم.

وأختلف الناس في تفسير معنى الرجولة فمنهم من يفسرها بالقوة والشجاعة، ومنهم من يفسرها بالزعامة والقيادة والحزم، ومنهم يفسر الرجولة بالكرم وتضييف الضيوف، ومنهم يقيسها بمدى تحصيل المال والاشتغال بجمعه، ومنهم من يظنها حمية وعصبية جهلاء، ومنهم من يفسرها ببذل الجاه والشفاعة وتخليص مهام الناس بأي الطرق كانت، ولا بد أن نعلم أن هناك فرق بين الرجل والذكر، فكل رجل ذكر، وليس كل ذكر رجل، ما أكثر الذكور لكن الرجال منهم قليل، ولقد جاءت كلمة ” ذكر” في القرآن الكريم غالبا في المواطن الدنيوية التي يجتمع فيها الجميع، مثل الخلق وتوزيع الإرث وما أشبه ذلك، أما كلمة رجل فتأتي في المواطن الخاصة التي يحبها الله تعالى، والرجولة هي تحمّل المسئولية في الذب عن التوحيد، والنصح في الله، والدفاع عن أولياء الله.

والرجال لا يقاسون بضخامة أجسادهم وبهاء صورهم، وقوة أجسامهم فعن علي بن أبي طالب قال ” أمر النبي صلى الله عليه وسلم ابن مسعود فصعد على شجرةٍ أمره أن يأتيه منها بشيء فنظر أصحابه إلى ساق عبد الله بن مسعود، حين صعد الشجرة فضحكوا من دقة ساقيه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” أتعجبون من دقة ساقيه؟ إنهما أثقل في الميزان من جبل أحد ” رواه أحمد، والرجال هم الذين يعلمون علم اليقين أن حال الأمة لا يمكن تغييره إلا بصلاح الأفراد وإيجاد الرجال، ولن يتربوا إلا في ظلال بيوت الله، في ظلال القران والسنة النبوية، ولرجال هم الذين يصدقون في عهودهم، ويوفون بوعودهم، ويثبتون على الطريق، وعند الأزمات تشتد الحاجة لوجود الرجال الحقيقيين،عند الفتن نحتاج إلى رجال يثبتون على الحق ويدافعون عن الحق ولا يخافون في الله لومة لائم.

ونحتاج إلى الرجال الذين يثبتون وسط الأزمات التي تعصف بالمسلمين، الأزمات والفتن التي تجعل الحليم حيرانا، نحتاج إلى رجال يبصرون الناس بالدين، إلى رجال يكونون قدوة للناس، إلى رجال يُثبتون الناس على شرع الله، فعندما نتأمل الرجولة في القرآن الكريم نجدها لصيقة الصلة بالمسؤولية والتضحية والفداء، وذلك لما بينهما من صلة وثيقة، وكذلك باتباع أمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم وتقديمه على محببات النفس ونوازعها الداخلية من تجارة وأموال وغيره، بل ونفيها عمن فرط في اتباع الشريعة أو تعدى حدود الله عز وجل، لذا كان هذا هو المعيار الحقيقي للرجولة في نظر الشريعة، فيقول الله تعالى فى سورة النور ” يسبح له فيها بالغدو والآصال، رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار” .