حياة الخضر عليه السلام ” جزء 23″

الدكرورى يكتب عن حياة الخضر عليه السلام ” جزء 23″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

حياة الخضر عليه السلام ” جزء 23″

ونكمل الجزء الثالث والعشرون مع حياة الخضر عليه السلام، ومعناه أن الأمور ما يمكن تستقيم، إذا وصلت المسألة إلى المرة الثالثة بلغ العذر إلى منتهاه، ما تستقيم الأمور بعد المرة الثالثة، خلاص ثلاث مرات انتهى الموضوع، وكذلك مثلا في قتل الحية التي في البيت فإن الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم قد نهى عن قتل الحيات، إذا رأى الإنسان حية في بيته لا يقتلها مباشرة، لأنها قد تكون من إخواننا من الجن، فلا يقتلها الإنسان مباشرة، وإنما يقول لها أخرج عليك بالله ثلاثا لِتخرجي، مثلا ثلاث مرات متوالية، أو أقسمت بالله عليك لتخرجي من هذا المكان، أقسمت عليك بالله لتخرجي، أو أحرج عليك بالله لتخرجي، فإن لم تخرج يقتلها أعذرها، فالعذر بالمرة الثالثة وارد في الشرع كثيرا، وله أمثلة، وأيضا لابد أن يوضح الخطأ بعد كل مرة.

فالنقطة الأخرى المتعلقة بقضية الإعذار، وهو أنه لابد لكي يصبح الإنذار إعذارا لابد أن يوضح الخطأ بعد كل مرة، يعني لا يكفي أن الإنسان إذا رأى واحد مثلا خطأ يقول في نفسه هذا واحد إذا أخطأ مرة ثانية، يقول في نفسه هذا اثنين أخطأ ثالثة خلاص انتهى الموضوع، ولكن وضح له الخطأ إذا أخطأ المرة الأولى، فقل له يا أخي أخطأت، وإن الصواب كذا وكذا، وأخطأ في المرة الثانية توضح له أن هذا خطأ، مثل الخضر عليه السلام في المرة الأولى فقال ” قال ألم أقل إنك لن تستطيع معى صبرا” وكذلك بين له المرة الثانية، قال ” قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معى صبرا” فإذا فعل المرة الثالثة عند ذلك يحصل الإعذار انتهى، لكن ليس إلا بعد التبيين، وكذلك أيضا من فوائد هذه القصة هو فرح الإنسان بكل علم جديد، ولهفه وشوقه إلى تحصيله.

وكذلك أيضا التدرج في العتاب، ويعني هذا، أنت إذا الواحد أخطأ معك وأردت أن تصلح فيه خلل أو عيب ما، لا تبادر فورا، وتنكر عليه بشدة، ارفق به، وتدرج في العتاب، وأن نبى الله موسى عليه السلام دفع ثمن الخطأ بدرس عملي، راح وأخذ معه حوت، وأخذ معه خادم، وسافر وذهب، ووجد المشقة، وذهب مع الرجل في السفينة، وعلى الساحل، ونزل في الجانب الآخر، وراحوا إلى القرية، وهم جوعا، ثم إنه وجد هذا الحرج الشديد لما عصى الرجل ثلاث مرات، فنبى الله موسى ما نال هذه التربية بسهولة جدا، إنما كانت هذه التربية له بأحداث قدرها الله تعالى، وساقها وأجراها لحكمة علمها عز وجل، ولابد من مراعاة النسيان، وأن النسيان عذر شرعي، فلا نحمل إخواننا، ونحمل الناس أشياء فوق طاقتهم لمجرد أنهم نسوا.

إلا إذا تبين أن هذا النسيان هذا متكرر في نفس الموضوع، وأنه ليس بنسيان إنما هو إهمال فهذا شيء آخر، لكن لقد نسي الأنبياء، ونبى الله موسى نسي لما في المرة الأولى، واعترض يوشع بن نون النبي الآخر، نسي أن يخبر موسى بأنه قد فقد الحوت، ما أخبره إلا بعد فترة، وأيضا نبى الله موسى نسي أن يسأل يوشع عن الحوت، وهذا معنى قول الله سبحانه وتعالى ” نسيا حوتهما” فيوشع نسي أن يخبر موسى بأنه فقد الحوت، وموسى نسي أن يسأل يوشع أين الحوت؟ وكذلك فإذا اشترط المتبوع على التابع شروطا معينة في عملية تلقيه للعلم هنا فإنه يحق له ذلك، ويجب على التابع، أن يفي بشروطه نحو المتبوع إذا كان الشروط شرعية، مثال الآن واحد يريد أن يتعلم يدخل معهد أو كليه، فتكون هذه الأماكن لها قوانين وشروط عندما يسجل اسمه فيها.

وينتظم في الدراسة، ماذا يعني هذا الكلام؟ يعني أنه قد وافق ضمنيا على أن يعمل بهذه الشروط ما دام رضي أن يتعلم في هذه الأماكن، ويواظب عليها، وهذا يعني أنه لا يحق له الخروج على أنظمة وقوانين تلك الأماكن ما دام أنها شرعية، ولذلك يجوز للشيخ أو العالم أو القدوة أن يشترط على الآخرين في اتباعهم له شروطا شرعية، وهم ملزمين إذا ساروا معه بأن يلتزموا بهذه الشروط، مثلما التزم الخضر عليه السلام الشرط على نبى الله موسى عليه السلام، فقال ” قال فإن اتبعتنى فلا تسألنى عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا” وقد وافق موسى وسار معه على هذا الأساس، لذلك ليس محقا عندما اعترض موسى على الأشياء هذه التي اعترض عليها، ومن قصة الخضر، لابد أن تكون الشخصية المسلمة معروفة بين الناس.